«بائن عن خلقه بينونة صفة لا بينونة عزلة». والقاعدتان موافقتان للأدلة العقلية ، والذوق العرفاني الذي لا ينال إلا بالانقطاع عن العلائق والتوجه التام إلى ربّ الخلائق.
وأصل مادة (ثقف) تدل على الحذق في إدراك الشيء وفعله أي سريع التعلم ، ثم استعملت في مطلق إدراك الشيء. وفي حديث الهجرة عنه (صلىاللهعليهوآله) : «غلام شاب لقن ثقف» أي : ذو فطنة وذكاء ، ثابت المعرفة.
والمعنى : واقتلوهم حيث أدركتموهم ووجدتموهم كما في آية أخرى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ـ ٦] ، إلا أنّ الفرق بينهما أنّ الثقف هو الوجود على وجه الغلبة ، والوجدان أعم من ذلك ، والتعميم بلحاظ الحل والحرام.
قوله تعالى : (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ).
أي : وأخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم ، وهي مكة المكرمة ، فإنّهم عدوا على المسلمين يقاتلونهم ، لأنّهم أسلموا ، وأخرجوهم من ديارهم ، ولا يزالون يجهدون في الفتنة.
قوله تعالى : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ).
أصل مادة (فتن) تأتي بمعنى إدخال الذهب في النار ليعلم جودته من ردائته ، ثم استعملت في عدة معان تلازم ذلك بالعناية كمطلق الاختبار ، والعذاب ، والهلاك ، والابتلاء ، والخلوص وغير ذلك مما يأتي في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «المسلم أخو المسلم يتعاونان على الفتّان» أي يعاون المسلم أخاه على الذين يضلون الناس عن الحق أو الشريعة الإلهية كالشيطان لخلاصه منهم.
والافتتان تارة : من الله تعالى بالنسبة إلى عباده. وأخرى : من عباده بعضهم لبعض.