عليه وآله) وبيّنه بأحسن بيان وأفضله ، وقال تعالى فيه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة ـ ٣].
قوله تعالى : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).
أي : إذا كفوا عن القتال والفتنة وآمنوا فلا عدوان إلا على الظالمين المعتدين.
ومن جميع ذلك يعلم أنّ الآية الشريفة ليست منسوخة بشيء ، ولا هي ناسخة لبعض قيودها إذ أنّ كل قيد إنّما هو في موضعه.
والمعنى : فإن انتهوا عن عدوانهم فلا تعتدوا عليهم بالقتل والأسر ، لأنّه يختص بالظالمين ، وتسمية ذلك عدوانا مع أنّه حق من باب المجانسة الحسنة ، لأنّهم إنّما يكونون في مقام الاعتداء فسمى جزاء الاعتداء اعتداء أخذا عليهم وإلزاما لهم بفعلهم أي : إنّ أصل العدوان إنّما وقع عليهم بفعلهم.
١٩٤ ـ قوله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ).
تقدم معنى الشهر عند قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ) وأشهر الحرم أربعة : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرّم ، ورجب ، سميت بذلك لحرمة القتال فيها حتى في الجاهلية فلو أنّ أحدا منهم لقي قاتل أبيه أو أخيه فيها لم يتعرّض له بسوء حتى ينقضي الشهر الحرام ولعل الأصل فيه شريعة إبراهيم (عليهالسلام) واستمر العرب عليه وأمضاه الإسلام.
والمعنى : إنّ الشهر الحرام يقابل الشهر الحرام في الحرمة والهتك فإذا هتك الشهر الحرام بالقتال فيه فلا محذور في قتالهم فيه ومعاملتهم بالمثل ، وليس ذلك بهتك وإنّما هو إعلاء كلمة التوحيد ودفاع عن الدّين وقيمه.
وقد أذن سبحانه وتعالى للمسلمين بقتال المشركين في عمرة القضاء سنة سبع بعد أن صدهم المشركون من النسك عام الحديبية سنة ست وإن كرهوا قتالهم في الشهر الحرام ، فبين سبحانه أن ذلك ليس بعدوان بل هو معاملة بالمثل ولم يكن