هتكا للشهر الحرام.
قوله تعالى : (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ).
الحرمات : جمع حرمة كظلمة وظلمات وهي : ما يجب احترامه وتعظيمه ويحرم هتكه ، وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «لا يسألوني خطّة يعظّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» أي : لا يسألوني عن أمر خطب ومشكل يعظمون فيه حرمات الله إلا أجبتهم.
والقصاص من المقاصة والمقابلة أي : إنّ كلّ هتك لحرمة ما يجب احترامه وتعظيمه يقابل بالمثل ، فلو هتكوا حرمة الشهر الحرام والبيت الحرام ، والحرم المقدّس الإلهي جاز للمؤمنين قتالهم فيه ولم تسقط الحرمات عن الحرمة بل هو نصرة الدّين الحق ونصرة التوحيد وسيد المرسلين.
وبذلك كسب المسلمون العزة والاحترام وكسب المشركون الخزي والعار بهتك الحرمات وقتال المسلمين فيها.
وفي الكلام الكريم جمع بين اللطف والعتاب ، وأخذ الظالم بظلمه وفيه كمال العناية بحيث يجلب قلب الإنسان وخطاب مع الضمير ، ومثل هذا له التأثير الكبير في النفس.
قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ).
خطاب عام بعد خاص أمر بالاعتداء مع أنّه لا يحب المعتدين ، لأنّ المذموم منه ما كان ابتداء وأما إذا كان في مقابل اعتداء آخر فليس إلا دفع الاعتداء وقهر شوكة الظالم والتعالي عن الذل والهوان.
وإنّما عبّر سبحانه وتعالى بالاعتداء من باب المجانسة اللفظية والازدواج في الكلام وإلا فليس ذلك اعتداء ، نظير ذلك ما ورد عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «تكلفوا من العمل ما تطيقون فإنّ الله لا يمل حتى تملوا» أي : إنّ الله لا يملّ أبدا مللتم أو لم تملّوا ولا يقطع عنكم فضله حتى تملّوا فسمى فعله سبحانه وتعالى مللا على طريق الازدواج في الكلام كما هو عادة العرب في كلامهم.