بحث دلالي
تدل الآيات الشريفة المتقدمة على أمور :
الأول : أنّ قوله تعالى : (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) يدل على أنّ الاعتداء من السيئات المبغوضة عند الله تعالى وإطلاقه يشمل الاعتداء بابتداء القتال ، والاعتداء في القتل بأن يقتلوا من يحرم قتله ، والاعتداء في كيفية القتل كالمثلة بالمقتول وأنواع التعذيب والاعتداء بغير ذلك كالتخريب وقطع الأشجار ، ومنع الماء ، وإلقاء السم فيه واستعماله ونحو ذلك ، كلّ ذلك لعموم الفعل المنفي.
الثاني : أنّ قوله تعالى : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) يدل على أنّ الفتنة والافتتان في الدّين من أشد الأمور التي لا بد من علاجها فإنّ في الفتنة وهن القوى وانهيار المجتمع وإنّ فيها إشاعة الفساد والبقاء على الشرك فهي بؤرة الفساد ، وإنّ فيها إذلال النفس وانحطاطها إلى أسفل السافلين بحيث لا تنفعه موعظة الواعظين ، وفي محوها إزالة مناشئ الشرك والكفر بعد الجحود والإصرار وفي إزالتها قمع مصادر الشرّ والفساد ، ولذا كانت الفتنة أشد قبحا من القتل الذي هو أعظم من كلّ قبيح ، وإنّها أكبر من كلّ جرأة.
الثالث : أنّ الآيات الواردة في جهاد المشركين وقتالهم والإذن في مقابلة ما فعلوه تدل على الإذن في قلع مناشئ الشرك واستئصالهم وقد نسب إلى نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان» والحكم