فقد قابلوا الوضع الجديد بالإنكار والمخالفة فكان ذلك هو الموجب لهذا التشديد والتوعيد على المخالفة ، ولذلك كلّه تعهّد النبي (صلىاللهعليهوآله) هذا التشريع الجديد بوجوه من الكلام في خطبته المباركة تضمّنت كثيرا من أحكام الحج. وأكّد عليه بأنحاء التأكيدات ، فأمر (صلىاللهعليهوآله) بأنّه حكم أبدي لا يدخله أي تغيير وعام لا يستثنى منه أحد.
١٩٧ ـ قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ).
أي : إنّ زمان الحج أشهر معلومات معيّنات ، ومعروفات عند الناس ، وهي : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، كما تدل عليه السنة المقدسة ، فلا يقع شيء منه في غيرها وإن كان ذلك الإحرام لأنّه من أجزاء الحج ، وكذلك عمرة التمتع لأنها من الحج ، ويدل عليه الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
فما ذكره بعض الفقهاء من أنّه يجوز تقديم الإحرام في غيرها لأنّه شرط للحج ، كالطّهارة للصلاة فيجوز التقديم على وقت الأداء. غير صحيح كبرى وصغرى كما هو مذكور في كتب الفقه.
والمراد من الآية : أنّ مجموع الوقت من الأشهر الثلاثة وقت للمجموع من أفعال الحج فلا ينافي كون بعض الشهر هو زمان الحج فقط ، كما لا ينافي اختصاص بعض أفعال الحج ببعض الأيام ، لجريان العرف على عدّ جزء من الزّمان منزلة الكلّ ، وعدّ جزء من العمل منزلة تمامه ، يقال رأيته يوم الجمعة وإنّما رآه في بعضه دون الجميع وكذا اجتمعت معه سنة كذا ، وغير ذلك.
ويستفاد من قوله تعالى : (مَعْلُوماتٌ) أنّه لا يجوز تأخيرها وإنساؤها إلى شهر آخر ، كما كان المشركون يفعلونه.
قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ).
مادة (فرض) تأتي بمعنى قطع الشيء الصّلب ، والتأثير فيه ، قال تعالى حكاية عن الشيطان : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء ـ ٧] ،