الزاد : ما يتهيّأ للسفر ، وهو يختلف كمية وكيفية باختلاف حالات السفر ، والسفر على قسمين : سفر في الدنيا ، وسفر من الدنيا. وفي كلّ منهما لا بد من الزاد وزاد الأول هو : الطعام والشراب والمركب ونحوه ، وزاد الثاني : هو معرفة الله تعالى والطاعة ، والاستعداد للآخرة.
وقد بيّن سبحانه أنّ خير الزاد لهذا السفر هو التقوى ، أي فعل الطاعات وترك المعاصي ، وترك ما يوجب سخط الله تعالى ، والتقوى هي الصراط المستقيم إلى الإنسانية الكاملة والجنان العالية ، وهي الارتباط الوثيق مع مالك الدنيا والآخرة.
وذكرها في المقام لبيان أنّ الحاج إذا كان في سفره القصير لا بد له من الزاد وإلا هلك ، فكيف بالسفر الطويل البعيد المحفوف بالمخاطر العظام ، فيكون احتياجه إلى الزاد أهم وأعظم.
ومن تعريف الخبر (التقوى) يستفاد أنّ الأمر مقطوع به ، ولا يدخله الشك ، وأنّ الحكم على التحقيق كذلك.
والآية تنحل إلى برهان قويم ، وترجع إلى قول : تزودوا بخير الزاد ، وخير الزاد التقوى ، فتزودوا بالتقوى ، والكبرى معلومة بالأدلة الأربعة.
ثم إنّ ظاهر الآية المباركة العموم بالنسبة إلى تمام الحالات والأزمنة والأمكنة وإنّما ذكر في المقام بالخصوص لاقتضاء الحالة بتزود التقوى لأنّه السفر إلى الله تعالى.
وأما ما عن ابن عباس أنّه قال : «كان أهل اليمن يحجون ولا يتزوّدون ويقولون نحن متوكلون ثم يقدمون فيسألون الناس فنزلت الآية المباركة» فهو من باب ذكر المصداق لا الحصر الحقيقي ، ويمكن تعميم الأمر بالتزود في خصوص الحرم الإلهي حتى بالنسبة إلى ما تعارف بين الحجيج من حمل الهدايا معهم إلى بلادهم.
قوله تعالى : (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ).