اللب : هو العقل الخالص عن شوائب الأوهام ، خصّهم بالذكر لأنّهم المؤهّلون لذلك ، فإنّهم يعرفون حاجتهم إلى التزوّد بالتقوى ، وما للتقوى من فضل عظيم خطير ، وأنّ بالعقل يخشى الله وتتقى المعاصي.
ومن حذف المتعلّق يستفاد أنّه تعالى هو المقصود من التقوى ، وما للتقوى من فضل عظيم خطير ، وأنّ بالعقل يخشى الله وتتقى المعاصي.
ومن حذف المتعلّق يستفاد أنّه تعالى هو المقصود من التقوى ، وأنّه لا بد من قطع النظر عن كلّ شيء سواه ، وهذا هو الذي يستشعره ذو اللب الخالص والعقل السليم.
وهذا الخطاب جذب لأولياء الله تعالى إلى عالم لا نهاية لعظمته وكبريائه ولا غاية لكماله وتقريب لهم إلى صور لا حدّ لجمالها ودلالها كيف فإنّ التقوى مفتاح بركات السماء والأرض ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف ـ ٩٦] ، وهي أساس الفلاح ، قال تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة ـ ١٠٠] ، وهي الوسيلة لجلب السعادة للإنسان.
وهذه الآيات تدل على الترغيب إلى اكتساب الفضائل والتجنب عن الرذائل ، والتشبّه بربّ الأرباب جلّ شأنه ، واستكمال الإنسان بجميع ما أعد له من الكمال ، فيترتب عليه جميع ما أعد له من الجزاء الموعود في القرآن والكتب السماوية ترتب المعلول على العلّة التامة المنحصرة.
١٩٨ ـ قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ).
مادة (ج ن ح) تستعمل في الإثم المائل عن الحق ، ويسمّى كلّ إثم جناحا ، وقد ورد لفظ جناح في القرآن الكريم في أكثر من عشرين موردا منفيّا بليس ، أو لا ، ولكن لم يرد مثبتا فيه وإن ورد بهيئاته الأخرى ، مثل قوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) [الأنفال ـ ٦١].
والمراد به في المقام : نفي الحرج والإثم ، أي : لا بأس في ابتغاء الفضل من ربّكم ، والمراد من ابتغاء الفضل هو طلب الرزق بالكسب والتجارة ، نظير قوله تعالى : (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) [المزمل ـ ٤٠] ، وقوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة