ـ ١٠]. وقد ورد في السنة الشريفة أنّ الابتغاء من الفضل هو الرزق ، فالآية المباركة تدل على إباحة البيع وزيادة الرزق بالتجارة.
وعليه فتكون الآية المباركة في مقام الاستدراك عما يتوهّم وينسبق إلى الفهم من الأمر بالتزود من التقوى ، ومن مخاطبة أولي الألباب بالأمر بالتقوى خلاف ما كان الأمر عليه في الجاهلية من الكسب والتجارة وعقد الأسواق في الموسم لها ، ولأجل ذلك كان بعض المسلمين في أول الإسلام يتأثّمون من ذلك فأزال تعالى هذا الوهم ، وأعلمنا بأنّه لا بأس بالكسب والتجارة وأنّ ذلك من فضل الله تعالى بل يستفاد من قوله تعالى : (مِنْ رَبِّكُمْ) أنّه داخل في العبادة ، وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «الكاسب حبيب الله». فتكون الآية المباركة صريحة في عدم المنافاة بين الحج وطلب المال.
ولكن يمكن أن نقول : إنّ المراد من الابتغاء بالفضل هو الأعم من طلب الرزق بالتجارة ومن طلب المغفرة كما ورد في بعض الروايات فإنّها المطلوب الأهم للإنسان ، فتكون ترغيبا إلى ازدياد الخير بعد الترغيب بالتقوى ، والحث عليها ، وإشارة إلى عدم الاعتماد على مجرد التقوى بل الاعتماد كلّه على فضل الله تعالى.
قوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ).
مادة (فيض) تأتي بمعنى سيلان الماء مع الكثرة ، وتستعمل في كلّ دفع مع كثرة كما في المقام ، والاستفاضة هي الشيوع والكثرة والانتشار.
وعرفة هي بمعنى الإصابة يقال : عرفه أي أصاب عرفه ـ أي رائحته ـ أو خدّه. وعرفات علم للمكان المخصوص المعروف ، وهي في معنى الجمع وليس بجمع شيء ، وما في بعض الأخبار : «الحج عرفة»
إنّما هو باعتبار الزمان لا باعتبار كون عرفة مفرد عرفات ، وتنوينه تنوين المقابلة لا تنوين التمكن.
وسمي الزمان والمكان بها لتحقق تعرف في البين إما لأجل أنّ خليل الرحمن (عليهالسلام) عرف صدق رؤياه ، أو لأجل أنّ جبرائيل عرفه مشاعر