مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [فاطر ـ ٤٥] ، ويقال : فيما أخذه لنفسه أو لغيره ، ولهذا قد يتعدى إلى مفعولين يقال : كسبت فلانا كذا.
والاكتساب يختص بما أخذه لنفسه فكلّ اكتساب كسب ولا عكس ، ويستفاد من قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) أنّ الكسب يستعمل في الأمور التكوينية إذا كان بعض مباديها اختياريا قال (صلىاللهعليهوآله) : «أطيب ما يأكله الرجل من كسبه وإنّ ولده من كسبه».
والمعنى : إنّ أولئك الذين يطلبون حسنة الدّارين لهم ما يريدون ويعطون ما يدعون. وسمي الدعاء كسبا لأنّه من الأعمال.
ويستفاد من هذه الآية مع مقابلتها للآية السابقة أنّ أعمال الطائفة الأولى باطلة لا وزن لها عند الله تعالى ، قال عزوجل : (يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) [الأحقاف ـ ٢٠] ، ونظير هذه الآيات المباركة قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [الشورى ـ ٢٠].
قوله تعالى : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ).
السرعة خلاف البطء ، وتستعمل في الأجسام والأفعال وفعل الله تعالى ، وترجع في فعله عزوجل إلى قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل ـ ٤٠] وفي السنة المقدّسة : «إنّ حساب جميع العباد عنده تعالى على قدر حلب شاة» وهذا من باب ضيق التعبير وإلا فهو أقلّ من ذلك فإنّ جميع الزمان والدّهر والسّرمد عنده تعالى أقلّ من آن ولمحة البصر وإنّ جميع الممكنات ـ بجواهرها وأعراضها وروحانيّاتها ومجرّداتها ـ أقلّ من ذرة ملقاة في فلاة لا حدّ لها فهو أسرع الحاسبين مع هذه الإحاطة والاقتدار والقهارية.
وسريع الحساب من أسماء الله الحسنى ، وهو من صفات فعله لرجوعه إلى إرادته التي هي من صفات فعله تعالى أيضا ، فيصح تصوير سريع