وفي الآية تحريض على الدّعاء وترغيب إليه ، وطلب الحوائج في المواطن الشريفة ، وترهيب عن المعاصي وأنّه تعالى يحاسب العباد في أسرع ما يمكن ويجازيهم على ما كسبوا ، وفي عالمنا هذا كلّما كانت أجهزة الضبط والحساب أدقّ كانت النتائج أسرع كما نراه وقد ثبت ذلك في العلم الحديث هذا بالنسبة إلى عالم الماديات فكيف بما إذا كان الحساب والجزاء بنفس الإرادة أي من إذا قال لشيء (كُنْ فَيَكُونُ) [يس ـ ٨٢].
٢٠٣ ـ قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ).
مادة (عدد) تأتي بمعنى ترتب الآحاد أو آحاد مركبة. وقد وردت هذه المادة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة في مواضع كثيرة يأتي التعرّض لها في محالّها.
ولفظ «معدودات» ورد في القرآن في موارد ثلاثة تقدم مورد منها في آية ١٨٤ البقرة وهذا هو الثاني. ويكنّى به عن القلّة ـ كما هو الشأن في الجمع بالألف والتاء غالبا ـ وهي في المقام أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من ذي الحجة وتسمّى أيام النّحر أيضا وهو المستفاد من الآية الشريفة أيضا فإنّه تعالى بعد أن أمر بذكره جلّ شأنه في المشعر الحرام وأمر بذكره تعالى بعد تمام المناسك وأعمال الحج أمر بذكره جلّت عظمته بعد الفراغ من ذلك فيكون بعد العشرة الأولى من ذي الحجة في منى.
كما أنّ كونها ثلاثة يستفاد من قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) إذ التعجيل في يومين لا بد وأن يكون مع ثالث ينفر فيه وهي كانت معهودة في زمان الجاهلية. وعلى ذلك وردت روايات كثيرة من الفريقين.
والمراد بذكره تعالى : هو التكبير في أيام التشريق من بعد صلاة الظهر من النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث ، ويأتي صورته وعدده في البحث الروائي ، والأمر محمول على الاستحباب لدلالة السنة عليه كما يأتي.