والانحراف عنه ، وقد استعمل هذا اللفظ في كلّ من التوجه والإعراض في القرآن الكريم في موارد كثيرة.
والسعي يأتي بمعنى المشي السريع دون العدو ، قال تعالى : (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) [طه ـ ٦٦] ، ويستعمل في الجد والاجتهاد ، وفي كلّ من الخير والشّر ، قال تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) [النجم ـ ٤٠].
والفساد : خروج الشيء عن الاعتدال والاستقامة وهو خلاف الصّلاح. ويشمل جميع الأنحاء ، سواء كان قليلا أو كثيرا ، في الجزء أو الكلّ أو فيهما.
والمعنى : إذا تولّى عنك بعد إظهار الإيمان وحسن القول كانت غيبته مخالفة لحضوره وإنّ سعيه يكون على ضدّ ما قاله ، فهو يدّعي الصّلاح ويسعى في الأرض الفساد والخراب ، لسوء سريرته وفساد فطرته ، ولا همّ له إلا التمتع في الدنيا والكيد في الناس.
ويمكن أن يكون المراد أنّه إذا تولّى وصارت له الولاية في بلد من البلاد وتسلّط على الناس أظهر الظلم والفساد فيحدث بسوء ظلمه في الرعية ظلمة البلاد فيهلك الحرث والنسل ، ويدل عليه بعض الروايات كما يستفاد ذلك من سياق الآية أيضا.
قوله تعالى : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ).
الهلاك : زوال الانتفاع المطلوب من الشيء وانتفاؤه ، سواء كان بزوال موضوعه أو بنحو آخر.
والحرث : إلقاء البذر في الأرض وتهيئته للزّرع ، ويطلق بالعناية على الزّرع ، ومطلق العمارة ، قال تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا) [الشورى ـ ٢٠].
وأصل النسل : الانفصال عن الشيء ، والولد يسمى نسلا لانفصاله عن صلب والده فلا يختص بالإنسان ، ويصح التعميم بالنّسبة إلى كلّ مفصول عن