شيء ، فيكون كالفصيلة المصطلح عليها في الأعم من النباتات أيضا.
والمعنى : أنّهم يبالغون في فسادهم وذلك بإفسادهم الحرث والنسل أي فساد الأرض والناس بأنواع الظلم والطغيان وأساليب الفتن والخراب وضروب الإيذاء.
وهلاك الحرث والنسل على قسمين :
قسم : يكون بسبب الاختلال في الأسباب الطبيعية من قتل ونهب وتعطيل أعمال الناس وأنحاء الظلم على ما هو المشاهد المحسوس عند وقوع هذه الأمور ـ كليّا أو جزئيا ـ فتهلك المزارع وتعطّل الصّنايع ، وتظهر في الناس البطالة وتختل أمورهم على كلّ حالة.
وقسم آخر يكون بسبب كثرة المعاصي وإفشاء الظّلم فتمنع السّماء بركاتها وتحبس الأرض خيراتها وتنزل النقمات والبليّات وهي مذكورة في القرآن الكريم ، قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم ـ ٤١] ، وقال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف ـ ٩٦] ، وهذا القسم أهم وأعظم من الأول ، بل يكون كالنتيجة لما يحصل من ظلم الناس ومعاصيهم ، وقد حذّرنا الله تعالى من ذلك في القرآن الكريم بأساليب متعددة ، وسيأتي في الموضع المناسب بيان كيفية تأثير المعاصي في هذا العالم إن شاء الله تعالى.
والآية في المقام تشمل كلا القسمين من الفساد ، لإطلاقها وعدم تقييدها بقسم دون آخر.
ولا ريب في شمول الآية الكريمة للفساد المعنوي أيضا ، وهو تحريف الشرايع الإلهية التي أنزلها الله تعالى لإصلاح النفوس وتهذيبها بالأخلاق الفاضلة واعتدال أحوالها ، وسعادة الإنسان في الدّارين. فيكون عمل هذا الشخص المخالف ظاهره لباطنه تبديل الأحكام الإلهيّة وتغيير الكلم عن مواضعه ، والتصرّف في المعارف الربوبية وإشاعة الفساد وسفاسف الأخلاق