وليست هي العزّة الحقيقية التي تكون لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين كما قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون ـ ٨] بل هي ادعائية وإنّها حالة يراها لنفسه اكتسبها من الإثم كما حكى الله تعالى عن أصحاب فرعون : (وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) [الشعراء ـ ٤٤].
والمعنى : إذا أمر بالتّقوى والإصلاح أخذته العزّة الظاهرة التي يراها لنفسه والتي اكتسبها من الإثم واجتماع أتباعه حوله على الضّلال فيأنف لما قيل له. أو فتدعوه عزّته على زيادة الإثم والفساد.
والباء في قوله تعالى : (بِالْإِثْمِ) إما للتعدية متعلقة ب (أَخَذَتْهُ) أو للسببية أي العزّة بسبب الإثم الذي في قلبه من الكفر والنفاق وما اكتسبه من الآثام.
قوله تعالى : (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ).
المهاد : المأوى من كلّ شيء ، وجهنّم مهاد للمنافق أي مأوى له ، والأرض مهاد للمشي والزرع ونحوهما. ومهد الصبيّ مأوى راحته.
والمعنى : إنّه تكفيه نار جهنم جزاء له على كفره ونفاقه وكبريائه ، وهي مأوى له ولبئس المهاد الذي مهّده لنفسه بسبب سوء أعماله ، وهذا الجزاء نتيجة حتمية على ما كان يفعله ، فهو من القضايا العقلية التي يغني نفس تصوّرها عن إقامة البرهان كما أنّ كون الجنّة مهادا للمتقين كذلك ، فالتّقوى توجب حصول نعم المهاد ، ومخالفتها موجبة للورود في بئس المهاد.
٢٠٧ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ).
هذا هو الصنف الذي يقابل الصنف الأول الذي يكون معتزّا بنفسه مضمرا للنفاق مكتسبا للآثام لا يرجى منه إلا الفساد والإفساد ولقد مهّد لنفسه بسبب سوء أعماله جهنّم ولبئس المهاد ، وهذا الصنف يقابله في جميع الصفات كما ستعرف.
والشراء من الأضداد يقال : شراه إذا باعه ، وشراه إذا اشتراه ، وقد