فيطعمني ربّي ويسقيني» ، وقال تعالى حكاية عن خليله إبراهيم (عليهالسلام) : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء ـ ٨٠].
وإنّ لله جلّ جلاله بالنسبة إليهم عنايتان فبعناية يحبّهم ويجذبهم إلى نفسه وبعناية أخرى يحفظهم عن الطمس والمحق.
ومن ذلك يظهر : أنّ أهم آثار التفدية والفداء إنّما هو الفناء في المفدّى وهذا يختص بالأنبياء وأولياء الله تعالى العظام لما فيهم من الاستعداد الكامل لذلك من كلّ جهة ، وهم اللائقون لذلك ، كما يأتي البحث عنه في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
وهناك تفدية أخرى وهي وإن رجعت آخر الأمر إلى التفدية للخالق والفناء فيه ، ولكن بواسطة من تقرّب إليه تعالى ، كتفدية الحواريين لعيسى (عليهالسلام) قال تعالى حكاية عنه (عليهالسلام) : (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران ـ ٥٢].
وتفدية عليّ (عليهالسلام) لنبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) [البقرة ـ ٢٠٧].
وتفدية كل بحسب شأنه ، وإنّها التفدية الواقعية لما عرفوا من الدّلائل وانكشفت لهم الحقائق وإنّ شأنها كشأن تفدية الأنبياء للخالق.
ومن فروع ذلك تفدية المؤمنين بالنسبة إلى نبيّهم أو مشاعر دينهم فهي ترجع إلى الفداء للخالق لكن بحسب شأنهم واستعداداتهم.
وأما تفدية الناس بعضهم لبعض فإن رجعت إلى التفدية لأولياء الله تعالى كما مر وكانت مأذونا فيها من قبل الشرع فهي استكمال للنفس وموجبة للسعادة وإلا فهي فضيلة إن لم ينه الشرع عنها.
ثم إنّ التفدية تارة : غير اختيارية كما في تفدية التكوينيات كلّ ناقص لكامله وكلّ كامل لأكمله. وأخرى : اختيارية ، ولكن قد يستلزم ذلك سلب