التفسير
٢٠٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً).
الخطاب مدني ـ كما مرّ ـ والإضافة تشريفية لا اختصاصية والتعبير ـ ب (ادْخُلُوا) لكمال الأهمية كما يأتي.
ومادة (سلم) تأتي بمعنى التعرّي عن العيوب والآفات ، سواء كانت ظاهرية أم باطنية في الدّنيا أو الآخرة.
وهي من المواد الكثيرة الاستعمال في القرآن الكريم بهيئات مختلفة ومنها الإسلام ، والسلام ، والسلامة. ولعلّ أعذب استعمالاتها قوله تعالى في وصف المتقين : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) [الفرقان ـ ٦٣] ، وقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) [الأنفال ـ ٦١].
وهذه المادة في جميع هيئاتها محبوبة عند الناس ، قد أطلقها الله تعالى على ذاته الأقدس في جملة من أسمائه الحسنى ، قال تعالى : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ) [الحشر ـ ٢٣] ، فهو تعالى سلام فوق ما نتعقله من معنى السلام ، وسبيله تعالى سبيل السلام وعباده الصالحين سلام من سلام ، وداره دار السلام الذي هو مظهر غيبي وصورة حقيقية لهذه الآية ، فهما متحدتان في الذات ومختلفتان بالاعتبار ، إحداهما جوهر قائم بالذات وهو عالم الآخرة والأخرى عرض قائم بالغير.