بعض أفراد التجلّي له جلّت عظمته. ولعلّ الله تعالى يوفقنا لبيان معنى الحجب وكشف بعض أسرارها في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
ولا يستفاد من قوله تعالى : (يَأْتِيَهُمُ) في المقام وغيره أنّه قد نسب إليه صفة من صفات الأجسام فإنّه تعالى منزّه عنها بالأدلة القطعية الضرورية ، بل المراد به بعض مراتب التجلّي ، أو الإحاطة أو غيرهما مما يليق بالذات الربوبي لا الإتيان الظاهري ، وسيأتي في البحث الفلسفي ما يرتبط بالمقام.
ويمكن أن يكون المراد من قوله تعالى : (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) ما يكون بمنزلة الجنود لبيان الأهمية ، وإلا فإنّ جنود ربّك كثيرة ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الفتح ـ ٧] ، وقال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) [الأحزاب ـ ٩].
ولعلّ إنزال القهر والعذاب في الغمام عند إرادة التعذيب والانتقام يكون أشد ، والقهارية أظهر ، قال تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) [الأحقاف ـ ٢٤] ، وهذه سنته تعالى في عباده فيبلي العصاة والظالمين بما يراد فيه النفع ، وينتفع أولياؤه بما يئسوا من نفعه ، وتنحصر هممهم في الانتفاع من النافع العظيم والملك البار القديم.
وكيف كان فالآية الشريفة متضمنة لتوعيد آخر وفيها بيان لبعض آثار متابعة خطوات الشيطان.
يعني : ما ينتظر من يتبع خطوات الشيطان إلا نزول عذاب الله تعالى الذي له طرق كثيرة تختلف حسب اختلاف الجهات والخصوصيات فقد ينزل العذاب على الإنسان وتحيط به النقمة ، كإحاطة الغمام بالأرض فيسترها عن الشمس ، كذلك يستره عن رحمة الله تعالى.
وهذه الجملة المباركة تشير إلى أمرين :
أحدهما : السّتر عن الحقائق الواقعية ، وعدم الوصول إليها ، وأنّ متابعة