السّماوية ، ويدل عليه البرهان العقلي بالقول : بأنّ الاختلاف وجداني بين الناس ويجب رفعه في تنظيم النظام ، ورفعه منحصر بالحكم بالحق فيجب الحكم بالحق لرفع الاختلاف بين الناس ، سواء كان في أمور الحياة أو في غيرها مما يكون منشأه الجهل والأهواء الباطلة.
والحكم بين الناس بالحق من أهم الأمور النظامية ، وبزواله واختلافه يختل النظام ، ولذلك اهتم الإسلام به وحصر الحكم والحاكم في أربعة :
الأول : أن يكون الحاكم والحكم كلّ منهما بالحق ، والحاكم يعلم أنّ حكمه حق ، وهذا مطلوب للرّحمن ويكون مصيره إلى الجنان.
الثاني : أن يكون الحاكم فاقدا للشرائط وكان حكمه حقّا ، وهذا مبغوض للرّحمن ومصيره إلى النّيران.
الثالث : الصورة السابقة مع كون حكمه باطلا وهذا أيضا مثل السابق بالأولى.
الرابع : أن يكون الحاكم جامعا للشرائط ، وحكمه حق ، وهو لا يعلم أنّه حق ، وهو أيضا مبغوض ومصيره إلى النّار ، كلّ ذلك لكثرة أهمية الحكم بالحق الذي هو من صفات الله تعالى وأعظم منصب من مناصب الأنبياء فلا وجه لأن يدنّس بما لا ينبغي أن ينسب إليهم (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وقد ذكرنا بعض ما يتعلّق بالمقام في كتاب القضاء من (مهذب الأحكام).
قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ).
الاختلاف : هو التغاير في الجملة ، والمتخالفين أعم من الضدين والمتناقضين لإمكان ارتفاعهما واجتماعهما ، والثاني لا يمكن اجتماعهما وإن أمكن ارتفاعهما ، والأخير لا يمكن فيه ارتفاعهما ولا اجتماعهما. وهذه المادة كثيرة الاستعمال في القرآن بهيئات مختلفة.
والاختلاف إما تكويني ، كاختلاف الليل والنّهار ، واختلاف الألوان والألسنة ؛ أو اختياري ينتهي إلى الإرادة وهي تنتهي إلى خصوصيات