بحث فلسفي
إنّ موضوع النبوة مطلقا من الموضوعات العامة التي ترتبط بالإنسان من جميع جهاته من نشأته إلى مماته ، وبرزخه وخلوده ، ومن حيث حياته الفردية والاجتماعية ، ومن حيث ارتباطه مع الخالق العظيم ومع الخلق ، ومن حيث سعادته وشقاوته ، وبالجملة إنّ لها تأثيرا مباشرا في كمال الإنسان ، ولها ارتباط وثيق بالنفس الإنسانية وقد بحث عنها في غير واحد من العلوم كعلمي الفلسفة والكلام ، وعلوم الدّين.
وقد اعتنى الله تبارك وتعالى بها اعتناء بليغا ، فأرسل الرسل وبعث الأنبياء وأنزل الكتب مع ما أودع في فطرة الإنسان من حب الكمال والسّعي إلى الصّلاح ، وما ألهمه من العقل الذي يدعوه إلى الاستكمال بالحق اعتقادا وعملا ، ولكن كلّ ذلك لن يقدر على النّهوض إلا مع الانضمام بالنبوة ، كما ستعرف.
وهي بالإضافة إلى أنّها تبليغ للأحكام الإلهية والمعارف الربوبية إنّها أهمّ وسيلة لتربية الإنسان وفق النظام الأحسن وأعظم سبيل لتثبيت تلك المعارف والأحكام في النفس الإنسانية لأنّ لها ارتباطا قريبا بها من حيث إنّها توجب رسوخ تلك المعارف والعلوم في النفس فتحدث ملكات تصدر عنها أعمال ترتسم بموجبها في النفس صور فيكتسب بها كمالات تعيّن لها طريق