التفسير
٢١٤ ـ قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ).
(أم) هنا منقطعة تفيد الإضراب بمعنى بل. و (الحسبان) : مجرد الوهم بلا تصوّر لخصوصيات الموضوع حتى يؤخذ بالراجح منها.
والخطاب لمن هداه الله تعالى إلى الإيمان ، وهم المسلمون الذين أمرهم الله عزوجل بالدّخول في السّلم وعدم اتباع خطوات الشيطان فإنّ في ذلك سعادة الدّارين ، كما أمرهم بالاعتبار من أحوال الماضين الذين بدّلوا ما أنعم الله عليهم كفرا فحلّ عليهم غضب من ربّهم.
وفي الآية تثبيت لما ورد في الآيات السابقة ، وبيان لها بأنّ ما ذكر فيها لا يتحقق ولا يمكن الوصول إلى ما يريده ربّ العالمين والدّخول في الجنة التي وعد المؤمنين بها إلا بالثبات والمصابرة والتسليم والرضا.
وهي تبيّن حكما فطريّا عقليّا بني عليه صلاح الفرد والنوع ، والمجتمع ـ بل هو عادة الطبيعة أيضا ـ وهو أنّه لا يمكن الفوز بالمقصود والوصول إلى المطلوب إلا بعد العمل وبذل الجهد ، وأنّ الأجر على قدر المشقة ، فكلّما عظم المقصود اشتد السعي والجهود ، ويستحيل في السنّة الطبيعية حصول الثمرة من دون غرس الشجرة ، كما يستحيل الأخذ بالنتائج والغايات إلا بعد تحصيل المقدمات.