المس إلا والممسوس معه ، بخلاف الثاني فإنّه يصح أن يقال : لمسته فما وجدته.
والتعبير به في المقام لبيان أنّ البأساء والضرّاء لم يعرضا عليهم فقط بل أصابتاهم ومستا وذاقوا شدائدهما فصبر المؤمنون وثبتوا على دينهم ولم يهنوا.
و (البأساء) : ضدّ النّعماء ، وهي ما يصيب الإنسان في غير نفسه من أنحاء الأذى. و (الضرّاء) : ضدّ السرّاء ، وهي ما يصيب الإنسان في نفسه ، كالقتل والجرح ونحوهما. و (الزلزلة) هي الاضطراب الشديد ، وتضاعف حروف لفظها يشهد على تضاعف معناها ، ولم ترد هذه الهيئة في القرآن الكريم إلا في ستة مواضع كلّها تدل على الشدّة والاضطراب العظيم ، سواء أكان في الدنيا أم في الآخرة ، قال تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) [الأحزاب ـ ١١] ، وقال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) [الحج ـ ١].
قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ).
أي : أنّ الرسول والمؤمنين مع ثباتهم وصبرهم على تحمل المكاره والأذى ، وإحاطة أعداء الله تعالى بهم ووقوعهم في الاضطراب والهول الشديدين يفزعون إلى الله تعالى ، يطلبون منه النصرة ، ويستمدّون منه عزوجل العون ، ويستنزلون رحمته.
وقوله تعالى : (مَتى نَصْرُ اللهِ) مقول قول المرتبطين مع الله تعالى من الرسول والمؤمنين دعاء منهم واستنصارا للحق ، ورغبة منهم في إظهار دين الله عزوجل ، والنصرة على الأعداء.
ويصح أن يكون مقول المؤمنين لرسولهم ، أو يكون مقولهم لله تعالى ، ويجوز أن يكون بالاختلاف.
وفي الآية إرشاد للمؤمنين إلى أن يكونوا مثلهم في الصّبر وتحمّل الأذى والفزع إليه عزوجل.