التفسير
٢١٥ ـ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ).
(الإنفاق) من المعاني المعروفة بين الناس. وأصله النقل والتبديل. سواء كان بالعوض ـ كما في المعاوضات ـ أو بدونه ـ كما في المجانيات لأغراض صحيحة أم فاسدة. في سبيل الدّنيا أم الآخرة. فالكل إنفاق إلا أنّ بعض المذكورات ممدوح وبعضها مذموم. ولهذا اللفظ استعمالات كثيرة في القرآن الكريم بهيئات شتّى.
والسؤال يعرض لكلّ مؤمن يريد معرفة تكاليفه الشرعية ، ومنها أصل الإنفاق وجنسه ، ومن ينفق عليه ، وسائر خصوصياته ، لئلا يكون هدرا وباطلا.
وقد ورد مثل هذا السؤال في خمسة عشر موردا في القرآن العظيم قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال ـ ١] ، وقال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) [البقرة ـ ٢١٩] ، وفي جميعها ترغيب للناس إلى السؤال عن الأحكام ، وتحريض لهم بالاهتمام في رفع الجهل وإعلان بأنّ السؤال من الرسول (صلىاللهعليهوآله) سؤال من الله تعالى ، وإبلاغ بأنّ معلّم النبي (صلىاللهعليهوآله) ومربيه هو الله عزوجل ، ولذا عقّب سبحانه في جميع تلك الموارد بجملة (قُلْ). وقد تقدم في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) [البقرة ـ ١٨٩] بعض ما ينفع المقام.