ابن جحش أصحابه أن ينزلوا ويحلقوا رؤوسهم ، فنزلوا فحلقوا رؤوسهم فقال ابن الحضرمي : هؤلاء قوم عبّاد ليس علينا منهم بأس فلما اطمأنوا ووضعوا السّلاح حمل عليهم عبد الله بن جحش ، فقتل ابن الحضرمي وأفلت أصحابه وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة وكان ذلك في أول يوم من رجب من أشهر الحرم ، فعزلوا العير ، وما كان عليها فلم ينالوا منها شيئا ، فكتبت قريش إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : إنّك استحللت الشهر الحرام ، وسفكت فيه الدم ، وأخذت المال وأكثروا القول في هذه ، وجاء أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فقالوا : يا رسول الله أيحلّ القتل في الشهر الحرام؟ فأنزل الله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) ـ الآية. قال : القتال في الشهر الحرام عظيم ولكن الذي فعلت قريش بك يا محمد من الصدّ عن المسجد الحرام ، والكفر بالله ، وإخراجك منها هو أكبر عند الله ، والفتنة يعني الكفر بالله أكبر من القتل».
أقول : روي في المجمع قريب منه ، والروايات في ذلك كثيرة.
وفي الدر المنثور : أخرج ابن إسحاق. وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي من طريق يزيد بن رومان عن عروة قال : بعث رسول الله (صلىاللهعليهوآله) عبد الله بن جحش إلى نخلة ، فقال له : كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال وذلك في الشهر الحرام ، وكتب له كتابا قبل أن يعمله أنّه يسير ، فقال : أخرج أنت وأصحابك حتّى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه ، فما أمرتك به فامض له ، ولا تستكرهنّ أحدا من أصحابك على الذهاب معك ، فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه : أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما اتصل إليك منهم.
فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب : سمع وطاعة ، من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي ، فإنّي ماض لأمر رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، ومن كره ذلك منكم فليرجع ، فإنّ رسول الله قد نهاني أن أستكره منكم أحدا ، فمضى معه القوم حتّى إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبي وقاص ، وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلّفا عليه يطلبانه ، ومضى القوم حتى نزلوا