قوله تعالى : (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ).
أي : قل في جوابهم إنّ القتال في الشهر الحرام كبير إثمه إن لم يعارضه ما هو أكبر منه ، فإنّ ترك القتال في الشهر الحرام إنّما هو لأجل حرمة الشهر الحرام واحترام الناس له فإذا عارض ذلك ما هو أعظم وأكبر ، كالفتنة من المشركين والصد عن سبيل الله أو إذا ابتدأ المشركون بالقتال في الشهر الحرام فلا ريب في جواز قتالهم حينئذ. وكيف كان فالآية تدل على حرمة القتال في الشهر الحرام.
قوله تعالى : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ).
هذه الآية وردت في ذم المشركين ، وذكر مطاعنهم وما اقترفوه من الكبائر التي أوجب قتالهم ، فذكر سبحانه أمورا أربعة :
الأول : الصدّ عن سبيل الله. والصدّ يأتي بمعنى الصّرف والمنع ، قال تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) [النمل ـ ٢٤] ، وربما يأتي بمعنى الانصراف أيضا ، قال تعالى : (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) [النساء ـ ٦١].
وغالب استعمال هذه الكلمة إنّما هو في الصّرف والمنع عن الحق وهي كثيرة الاستعمال في القرآن الكريم بهيئات مختلفة.
والمراد من سبيل الله : عبادته والدخول في دينه ، ومنه منع النبيّ (صلىاللهعليهوآله) ومن معه من المؤمنين عن دخول مكة المكرمة.
الثاني : الكفر بالله جلّت عظمته.
الثالث : الصّد عن المسجد الحرام إذا كان عطف (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) على سبيل الله ، فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام تأكيدا وتعظيما ، ويصح العطف على الضمير في (بِهِ) ، أي كفر بالمسجد الحرام ، لأنّ إلقاء احترام المسجد الحرام المجعول له كفر به شرعا.