بحث فقهي
ذكرنا أنّ الآية الشريفة تدل على حرمة قتال المشركين في الشهر الحرام ، وهو المشهور بين الإمامية ، ويدل عليه مضافا إلى ما تقدم قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ـ ٥] ، وبعض الروايات.
هذا هو الحكم الأولي ، ولكن قد يعرض على ذلك ما يوجب رفع هذا الحكم وتبديله ، لقاعدة تقديم الأهم على المهم ، التي هي من القواعد العقلية المهمة ، ويرشد إلى ذلك قوله تعالى : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) ، ولأجل ذلك قاتل الرسول (صلىاللهعليهوآله) المشركين في ذي القعدة ، لأنّ الذين قاتلهم الرسول ممن هتكوا حرمة الشهر وبدأوا بالقتال.
ثم إنّ الهجرة من الأمور الإضافية ، ولها مراتب كثيرة كمية وكيفية ، شدة وضعفا ، وقد ذكرنا أنواعها ، وهي في اصطلاح الفقهاء الهجرة من بلاد الكفر ، وقد بحثوا في وجوبها. ولكن ذكرنا في الفقه أنّ الهجرة عن المعصية أو للقيام بنصرة الدّين واجبة مطلقا. وما ورد من أنّه «لا هجرة بعد الفتح» إنّما هو بالنسبة إلى بعض أقسام الهجرة لا مطلقا.
كما أنّ الجهاد أيضا له مراتب كثيرة ، فكلّ من ترك المعاصي والمشتبهات فهو مجاهد ، وإلى ذلك يشير ما ورد من أنّ «المؤمن مجاهد».