بحث أخلاقي
من الأمور التي اهتم الإسلام بها واعتنى بها اعتناء بليغا وشدّد النكير على ارتكابها. ونهى عنها بأساليب مختلفة ووصفها بأوصاف متعدّدة تنبئ عن أنّها من شرّ الرذائل وأخبث الأمور ، الخمر والميسر فقد ذكرهما في مواضع متعددة من القرآن الكريم ووصفهما بأنّهما من خطوات الشيطان الذي يريد أن يوقع بهما بين أفراد الإنسان العداوة والبغضاء ، وأثبت فيهما الإثم الكبير ، كما اعتبرهما من الرّجس الذي يجب الاجتناب عنه وأصرّ الإسلام على ذمهما والاستهانة بهما ففي السنة الشريفة من ذلك الشيء الكثير ، ويكفي في خستهما أنّهما من أفعال أهل الجاهلية فقد كانا منتشرين قبل الإسلام ، ونزل القرآن ينهى عنهما على سبيل التدرج ، فنزل قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فذكر فيه الإثم والمنفعة ورجح الإثم عليها وكان ذلك كافيا في الرّدع ثم نزل قوله تعالى في الخمر : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء ـ ٤٣] ، وأخيرا ورد الأمر بتركهما في قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة ـ ٩١].
وقد ذكر سبحانه كلمة جامعة تكشف عن جميع ما يتعلّق بهما وما ينطوي فيهما من الأضرار والمخاطر ، فقال عزوجل : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) وإذا ألقي هذا الخطاب الكريم إلى