و (لا تنكحوا) ـ بالفتح ـ من الثلاثي متعدّ بنفسه إلى مفعول واحد أي : لا تزوّجوا الكافرات ، فيكون الخطاب متوجها إلى الأزواج.
والمشركات جمع مشركة : من الإشراك وهو اتخاذ الشريك لله سبحانه وتعالى ، فيختص بالوثني والوثنيّة ولا يشمل حينئذ سائر الكفار من أهل الكتاب المنكرين لنبوة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) ، واستدل على ذلك بقوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) [البينة ـ ١] ، والعطف يقتضي المغايرة ، ولأنّ المشرك في اصطلاح القرآن يطلق على ذلك وعلى هذا القول تكون الآية الشريفة مقتصرة على خصوص المشركين والمشركات من الوثنيين دون أهل الكتاب.
ولكن الحق أن يقال : إنّ الآية عامة تشمل مطلق الكافر من دون اختصاص بطائفة خاصة من الكفار ، لعموم التعليل في الآية الشريفة الشامل للجميع ، وقد ثبت في العلوم الأدبية ـ وتبعهم علماء الأصول ـ أنّ الخطاب المعلّل بعلّة يكون المدار في خصوص ذلك الخطاب أو عمومه على التعليل دون أصل الخطاب ، فتفيد الآية عموم التحريم للكتابيات والوثنيات معا ويدل عليه قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة ـ ١٠] ، فإنّه يشمل كلّ كافر بنبوة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) سواء كان كتابيا أو مشركا.
وما ذكروه من أنّ العطف يقتضي المغايرة لا كلية فيه ولم يثبت ذلك بل هو في الآية المباركة من قبيل عطف العام على الخاص وهو كثير.
كما أنّه لم يثبت أنّ إطلاق المشرك على الوثني اصطلاح قرآني بل قد اطلق على الكافر أيضا قال تعالى : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [البقرة ـ ١٣٥] ، وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف ـ ٩].
فالصحيح ما ذكرناه إلا إذا كان في البين دليل يدل على اختصاص