مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء وكلّ من مس متاعا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء وإن كان على الفراش أو على المتاع الذي هي جالسة عليه عند ما يمسه يكون نجسا إلى المساء وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام كلّ فراش يضطجع عليه يكون نجسا» وقد أخذ العرب بعض الأحكام من اليهود فشدّدوا على الحائض فكانوا في الجاهلية لا يساكنونها ولا يؤاكلونها.
وبين الإهمال والتهاون كما عليه النصارى ، فالإسلام أخذ الطريق الوسط وأوجب اعتزال النساء في محل الدم فقط وحرم إتيانه في وقت الحيض وأباح سائر الاستمتاعات ومعاشرتهنّ ومخالطتهنّ.
ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) لأنّ المحيض الأول بالمعنى المصدري ويراد من الثاني مكان الحيض أو زمانه فهو غير المعنى الأول فلا يصح عود الضمير إليه.
ثم إنّه تعالى قدم قوله : (قُلْ هُوَ أَذىً) وهو كالعلة لما يأتي ويترتب عليه الحكم بوجوب الاعتزال عنهنّ وعدم المقاربة معهنّ في محل الدم.
قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).
المراد من القرب : خصوص الوطي ، وهو في مقابل البعد ، لأنّ من أدب القرآن الكريم الكناية عما يستقبح ذكره بألفاظ أخرى حسنة كقوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) [البقرة ـ ١٨٧] ، وهذا دليل على أنّ المراد من الاعتزال خصوص المجامعة في موضع الدم وإنّما جيء به تأكيدا للاعتزال وبيانا له.
وقوله تعالى : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) بالتخفيف هي القراءة المعروفة بين المسلمين وهو المرسوم في المصاحف المتداولة وهو ظاهر في انقطاع الدم أي : حتى يخرجن من الحيض بانقطاع الدم عنهنّ.
ويكون الأمر بالاعتزال مقيّدا بحصول نقاء المحل ، والغاية في عدم القرب