الحرث : هو تهيئة الأرض للبذر وإلقاؤه فيها وزراعتها ويطلق الحرث على المحروث قال تعالى : (أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ) [القلم ـ ٢٢] ، وقال تعالى : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) [البقرة ـ ٢٠٥].
ولفظ أنّى من المبهمات سواء في الزّمان أو المكان ولكن استعماله في الزّمان أشهر. وقيل باستعماله في كلّ منهما في المقام أي أين شئتم ، أو في أيّ محلّ شئتم ، ولكن من إيكال الحكم إلى المشيئة ـ وهي غير محدودة بحد إلا ما نهى عنه الشرع ـ يستفاد التوسعة في إتيان النساء من حيث المكان والزمان.
وذكره بعد اية المحيض لأجل بيان خروج زمان الحيض فإنّه لا استعداد فيه للحرث وغشيان النساء لأنّه أذى لهنّ ، وفيه من القذارة التي يحب الله التطهير منها. فنسبة هذه الآية نسبة الشرح للآية السابقة فتكون مطلقة من حيث الزمان والمكان إلا ما نهى عنه الشرع المبين.
فالآية واضحة في دلالتها على التوسعة ، فلا وقع للبحث عن أنّ كلمة (أنّى) زمانية أم مكانية ، بل هي بمعنى ما شاء لتشمل الجميع بقرينة عموم المشية وإطلاقها وعمومات الحلية والإباحة ، ولا نحتاج إلى أقوال اللغويين أو المفسرين وإعمال الترجيح بينها ، ولا فرق بين ملك الانتفاع المطلق ، والمنفعة المطلقة ، وملك الذات من هذه الجهة ، ويدل عليه قول جعفر بن محمد (عليهماالسلام) : «لك أن تستمتع بكلّ جزء منك من كلّ جزء منها». نعم ، هناك موارد استثناها القرآن الكريم ، والسنة المقدسة ، والفقهاء وتعرضنا لها في الفقه بما لا مزيد عليه.
ومن تعليق الأمر بإتيان النساء على مشية المكلّفين واختيارهم يستفاد أنّ الأمر للإباحة دون الوجوب.
كما يستفاد من تشبيه المرأة بالحرث في الآية الكريمة أمور :
الأول : أنّ الإنسان يحتاج إلى الحرث لأنّه منشأ بقاء الحياة وحفظها ، كذلك النساء فإنّهنّ منشأ بقاء النوع ودوامه ببقاء النسل ، ولولاهما لنفذ النوع وزالت الحياة.