[الحجر ـ ٧٢] ، ومن أشده وأعظمه قوله جل جلاله : «وعزتي وجلالي وعلو قدري وارتفاع مقامي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمل أمل غيري».
والمعنى : لا تجعلوا الله تعالى في معرض حلفكم إذا أردتم أن تحلفوا ، وهذا يشمل المرة الواحدة فضلا عن الزائد لأنّ عظمته تعالى غير متناهية ولا يمكن دركها بالعقول مطلقا فكيف يحلف بما لا يدرك إلا مفهوم لفظه.
قوله تعالى : (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ).
بيان لأيمانكم ، أي : لا تجعلوا الله في معرض الحلف به في هذه الأمور الثلاثة التي هي مرضية له تعالى فضلا عما لا يكون مرضيا له ، أو شككتم في أنّه مرضيّ له تعالى ، فتشمل الآية الحلف على ترك البر والتّقوى والإصلاح بين الناس بالأولى.
وإنّما ذكر سبحانه هذه الأمور لأنّ سائرها يرجع إليها ، أو لأنّها أهم الأمور النظامية الاجتماعية ، أو لأنّها مورد النذور والأيمان بين الناس غالبا ، فتشمل الآية غيرها بالأولى ، ويؤيد هذا المعنى بعض الروايات كما يأتي.
وللمفسرين في تفسير هذه الآية الشريفة أقوال :
منها : أنّ هذه الآية غاية للحكم أي النّهي في (لا تَجْعَلُوا) أي : لا تحلفوا بالله لأن تبروا وتتقوا وتصلحوا فتكون تعليلا لما تقدم.
ومنها : أنّ قوله تعالى : (أَنْ تَبَرُّوا) تقدير (أن لا تبروا) أي : لا تكثروا الحلف بالله فإنّه يؤدي إلى أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس ، فإنّ من أكثر الحلف بشيء أدّى إلى استصغار ما أقسم به فلا يبالي الكذب ولا الحنث.
ومنها : لا تجعلوا الله بواسطة الحلف به مانعا وحاجزا عما حلفتم على تركه ، فإنّه لا يرضى أن يكون اسمه حاجبا عن الخير. وغير ذلك من الوجوه ، ولكنّ الوجه الذي ذكرنا أنسب وأشمل وإن أمكن إرجاع بعض الوجوه المتقدمة إلى ما قلناه.