قوله تعالى : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
أي : إنّ الله سميع لأيمانكم وجميع أقوالكم عليم بنياتكم وأحوالكم ولا يخفى عليه شيء في السّموات والأرض ، وفي الآية نوع من التهديد وفيها إرشاد إلى مراقبة الإنسان لأقواله ونياته.
٢٢٥ ـ قوله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ).
مادة (لغو) تأتي بمعنى ما لا فائدة فيه ولا نفع ، ويطلق اللفظ على صوت الطّير والعصافير من هذه الجهة.
والمراد به في المقام : الحلف الخالي عن القصد الاستعمالي الجدي الذي تدور عليه المحاورات المتعارفة بين الناس فإنّه إذا لم يحرز ذلك لا يترتب الأثر على الكلام بلا فرق بين الإخباريات والإنشائيات والوضعيات والأحكام مطلقا.
فيكون الأصل في بيان المراد والظهور هو القصد الاستعمالي الجدي وعليه يبتني التفهيم والتفهّم والمؤاخذات والكلام بدونه تكون لغوا بالنسبة إلى المعنى المطلوب لا فائدة فيه ولا يترتب عليه الأثر المقصود.
والآية المباركة تبيّن أنّ الأيمان الخالية عن القصد الاستعمالي الجدي تكون لغوا لا يترتب عليها الأثر ، فلا يؤاخذ الله تعالى الناس عليها. وتقع مثل هذه الأيمان في حشو الكلام وتجري على اللسان كثيرا من دون أن يعقد صاحبها على أنّها يمين ويدل على ما ذكرنا قوله تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) [المائدة ـ ٨٩].
والمراد بعدم المؤاخذة عدم الكفارة وعدم العقاب.
قوله تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ).
المراد من كسب القلب في المقام : القصد الجدّي والنية والعزم أي : ولكن يؤاخذكم بما نوت قلوبكم في الأيمان من المخالفة العمدية والكذب والحنث وما يكسبه الإنسان من الإثم فيما عقد قلبه بالأيمان.