بحوث المقام
بحث دلالي
لعلّ وجه تعقيب الآية المباركة بقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أنّها مشتملة على حكم من الأحكام الإلهية فيتناسب ذكر السمع والعلم وأما في قوله عز شأنه : (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إنّه في معرض بيان فعل المكلف الذي يمكن أن يشتمل على الإثم فيناسب ذكر الغفران والرّحمة ولذلك نظائر كثيرة في القرآن العظيم.
ثم إنّه جلّ شأنه جعل الحد الأقصى للإيلاء أربعة أشهر ـ وهي المدّة التي حدّدها الشارع الأقدس لمطلق المباشرة الجنسية للرجل ـ إما مراعيا جانب المرأة حتّى لا تقع في حرج أو فساد فتأوي إلى غير زوجها وتهين عفتها وتهتك ما حدّده الله تبارك وتعالى عليه لأجل رفع حاجتها الفطرية فحينئذ قرّر الشارع بعد الفترة المحدّدة إمّا برجوع زوجها أو طلاقها.
أو أنّ تلك المدّة كافية غالبا لاختبار الرّجل نفسه فإمّا أن يفيء ـ ويستأنف حياته الزّوجية ـ أو يظلّ في نفرته وفي هذه الصورة لا بد من الطلاق حتى ترد إلى الزوجة حريتها التامة لاختيار حياة زوجية أخرى مع شخص آخر.