محل النزول وزمانه :
ذكرنا أنّ القرآن نزل تارة جملة ، وأخرى نجوما ، وعرفت أنّ نزوله الجمعي كان في الليلة المباركة من شهر رمضان بمقتضى الآيات الشريفة ، ولكن نزوله التدريجي لم يكن له محلّ معيّن أو زمان كذلك فقد كان ينزل على قلب رسول الله (صلىاللهعليهوآله) حسب المقتضيات إلا أنّ ابتداءه كان من حين بعثته (صلىاللهعليهوآله) وانتهاءه قبل رحيله (صلىاللهعليهوآله) وهو مدة دعوته البالغة عشرين سنة أو أكثر على اختلاف الروايات.
فقد نزل جملة من سور القرآن في مكة المكرمة مهبط الوحي المبين ، وجملة منها في المدينة مهجر الرسول الأمين (صلىاللهعليهوآله) ، وقد نزل عليه من القرآن في الحضر وفي السفر وفي النهار وفي الليل ، وبعض السور نزلت مكررة كسورة الحمد ، وبعضها نزلت وقد شيعتها ملائكة السماء ، كسورة الأنعام ، وإنّ بعض السور مكي والبعض الآخر مدني كل ذلك معلوم مذكور في الكتب المؤلفة في علوم القرآن ، وإن كان لهم اختلاف في بعض الجهات.
وقد ذكر العلماء وجوها للتمييز بين السور المكية والسور المدنية وأهمها هي :
الأول : أنّ السور المكية تمتاز بقوة نبرتها وأسلوبها التهكمي فإنّها نزلت في قوم عتاة جبابرة فاتخذت وجه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم ولذا وردت السجدة فيها ، بخلاف السور المدنية فإنّها نزلت في قوم ذوي ذلة وضعف فاتخذت أسلوب اللين والعطف.
الثاني : أنّ السور المكية أكثرها تشير إلى إثبات الإله الواحد العزيز الجبار ، وإثبات يوم القيامة والمعاد وأوصافه. وأما السور المدنية فتشير إلى صفات الإله والحساب.
الثالث : أنّ السور المكية خالية تقريبا عن القصص والأحكام والفرائض والسنن ، بخلاف السور المدنية.