إليها حدوثا وبقاء ، وقد ورد في بعض الدعوات المأثورة عن الأئمة الطاهرين (عليهمالسلام) : «يا جاري اللصيق ، يا ركني الوثيق» ، كما ورد في بعض مخاطبات الله تعالى مع موسى بن عمران : «يا موسى أنا بدّك اللازم».
وكيف كان وفيه الكناية اللطيفة فإنّ فيه تمثيلا لحاله في سهولة إجابة دعائه وسرعة إنجاح حاجة من سأله بحال من قرب مكانه.
قوله تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ)
مادة [ج وب] تأتي بمعنى القطع ، ولها استعمالات كثيرة في القرآن بهيئات مختلفة ، والجواب يطلق غالبا في مقابل السؤال. والسؤال إن كان لطلب المقال فجوابه المقال ، وإن كان لطلب المنال فيكون جوابه المنال. ومن الأول قوله تعالى : (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) [الأحقاف ـ ٣١]. ومن الثاني قوله تعالى : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما) [يونس ـ ٨٩] أي أعطيت سؤلكما. والاستجابة : التحري والتهيؤ للجواب ، يعبّر بهما عن الإجابة لعدم الانفكاك بينهما غالبا لا سيما بالنسبة إلى الغنيّ المطلق والرحيم بعباده في جميع العوالم ، فهذه المفاهيم الثلاثة أي : الدعاء ، والإجابة ، والاستجابة ، من المفاهيم الإضافية بالنسبة إليه عزوجل ، قال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر ـ ٦٠] ، وقال تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ) [آل عمران ـ ١٧٢] ، وقال تعالى : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) [الرعد ـ ١٨].
فالآية الشريفة في المقام تشتمل على علل الحكم أي : أنّ الداعين لكونهم عباد الله فإنّ الله قريب منهم وقربه إليهم موجب لإجابة دعواتهم ، وذلك أنّ عباده ملك له بالملكية الحقيقية ، وهذه هي المقتضية لكونه قريبا منهم على الإطلاق وإلا فإنّ ما سواه تعالى فقير بحد ذاته وإنّما يملك بالملكية الاعتبارية بتمليك المالك الحقيقي للأشياء له وهو الله سبحانه وتعالى فلو لم يشأ الملكية لم يملك أحد ، كما يظهر من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [الفاطر ـ ١٥].
ثم ذكر سبحانه أنّ استجابة الدعاء منوطة بأمرين :