بحث دلالي
يستفاد من الآية الشريفة أمور :
الأول : إتيان ضمير المتكلم المفرد في قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) للدلالة على مزيد العطف والعناية. ومن سنته جل شأنه في القرآن الكريم أنّه إذا كان في مقام إظهار الاقتدار والكبرياء والهيمنة يأتي بضمير الجمع غالبا ، مثل قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) [ق ـ ٤٣] ، وقوله جلّ شأنه : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) [يس ـ ١٢] ، وقوله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) [الأحزاب ـ ٧٢] ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان ـ ٣] ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر ـ ١] ، وغير ذلك مما هو كثير.
وإذا كان في مقام الامتنان والرأفة والتحنن وإظهار المعية يأتي بضمير المفرد قال تعالى : (لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه ـ ٤٦] ، وقال تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) [طه ـ ١٤] ، وفي المقام قال تعالى : (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) ، فهو مشعر بالتوجه والإلفة وتهييج الشوق ـ كأنّه مما يشبه اختلاط المتكلم مع المخاطبين ـ ما لا يدركه الإعلام ويقصر دون بيانه الأعلام.