مادة ـ خ ـ و ـ ن) تدل على المخالفة ونقض العهد ، وهي خلاف الأمانة. والنفاق أعم من الخيانة. وهيئة الاختنان تدل على ملازمة هذه الصفة والمداومة عليها كقوله تعالى : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) [يوسف ـ ٥٣].
والآية المباركة تدل على أنّ تلك الخيانة كانت سرّا بين المسلمين وأمرا مستمرا بينهم وكانت كثيرة عندهم.
يعني : علم الله ـ الذي هو العالم بالجزئيات كما هو عالم بالكليات يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ـ بأنّكم كنتم تخونون أنفسكم وتوقعونها في الحرام وهو مباشرة النساء.
والآية تدل على وجود حكم تحريمي قبل نزولها وهو حرمة مباشرة النساء ليلة الصيام ، فكان المسلمون أو بعضهم يعصون الله تعالى سرّا ولذا عقب سبحانه ذلك بالتوبة عليهم والعفو عنهم وإباحة المباشرة بالرخصة بعد المنع.
قوله تعالى : (فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ).
أي : تاب عليكم فيما صدر منكم من المخالفة وما ارتكبتموه من المحظور وعفا عن خيانتكم.
والتوبة : عبارة عن غفران ما فعلوا وارتكبوا من المخالفة ، والعفو : عبارة عن رفع أصل الحكم وتبديله بحكم آخر سهل يسير.
قوله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).
ترخيص للمباشرة من حين رفع الحرمة والمنع ، والمباشرة إيصال البشرة إلى البشرة. كني بها عن الوقاع ، لكونها من مقدماته ، أو وقوع التلاصق بين البشرتين فيه.
ولعل الإتيان بها في المقام للدلالة على جواز استمتاع الزوج من زوجته بكلّ جزء من بدنه من كلّ جزء من بدنها ما لم يكن نهي شرعي في البين ، وإن كان ظهور الآية في الجماع مما لا يستنكر.