والابتغاء : هو الطلب ، والمراد بما كتب الله هو النسل والولد ، فإنّ طلب الذرية هو مما كتبه الله في مباشرة النساء والوقاع وإن لم يكن ملحوظا حين المباشرة إلا قضاء الحاجة ونيل اللذة ولكنّه مطلوب فطري وتسخير إلهي.
ويصح أن يكون المراد بما كتب الله هو الحلال من المباشرة ، فإنّ الله تعالى «يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه» وعلى هذا يصح أن تحمل الآية على مطلق الرجحان في الجملة أيضا.
ومجموع الآية الشريفة يدل على نسخ الحرمة بحلية الجماع ليلة الصيام كما هو ظاهر من موارد مختلفة منها. نعم ، إنّ هذا الحكم يمكن أن يكون مما بينه الرسول (صلىاللهعليهوآله) فإنّ آيات الصيام لا تدل على حرمة المباشرة والأكل والشرب بعد النوم.
وقيل : إنّ الآية ليست ناسخة لحكم تحريمي شرعي ، لعدم وجوده قبل نزول الآية الشريفة. نعم ذهب جماعة من الصحابة باجتهادهم إلى تحريم ما يحرم على الصائم في النهار في الليل أيضا بعد النوم ، ولكنّهم خانوا أنفسهم ، فكانوا عاصين بما فعلوا ، فكانت الخيانة بحسب الزعم والحسبان ، فنزلت الآية تبيّن أنّ ذلك لم يكن حكما تحريميا عليهم. وقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) يدل على تحقق الحلية كما في قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) [المائدة ـ ٩٦] ، إذ لم يكن صيد البحر محرما قبل نزول الآية المباركة.
ويمكن المناقشة فيه بأنّه خلاف ظاهر الآية الشريفة كما عرفت ، وأنّ اشتمال الآية على حكم ليلة الصيام لا يدل على أنّ ذلك كان بحسب اجتهاد بعض الصحابة ، بل يمكن أن يكون مما بينه الرسول (صلىاللهعليهوآله) فالآية تنسخ ما بينته السنة المقدسة.
إلا أن يقال : إنّ ترك المباشرة في الليل لم يكن بأمر من النبي (صلىاللهعليهوآله) وإنّما كان من فعل الصحابة تجليلا لهم لشهر الصيام ولم ينههم