وقد بين العدد ومحله في قوله تعالى بعد ذلك (شَهْرُ رَمَضانَ) [سورة البقرة ـ الآية ١٨٥].
وفي الآية رد على ما وقع من التغيير والتبديل في صوم أهل الكتاب بواسطة رؤسائهم.
قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً).
المرض : هو الخروج عن الاعتدال سواء كان في الجسم ، كما في قوله تعالى : (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح ـ ١٧]. أو في القلب والروح ، كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [الأحزاب ـ ٦٠]. والأخير أشد من الأول بمراتب كثيرة ، وما بعث الأنبياء ولا أنزلت الكتب الإلهية إلا لمعالجة الأمراض النفسانية التي تكون في علاجها الحياة الأبدية.
قوله تعالى : (أَوْ عَلى سَفَرٍ).
عطف على قوله تعالى : (مَرِيضاً) ومادة (سفر) تأتي بمعنى الكشف في جميع استعمالاتها ، وسمي السّفر سفرا ، لأنّ فيه يكشف عن أخلاق القوم ، أو يكشف عن خصوصيات الأمكنة.
وسميت الكتب العلمية أسفارا لأنّها تكشف عن الحقائق. وسميت الكرام البررة : سفرة ، لأنّهم يكشفون أحكام الله تعالى ، وفي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «مثل الماهر بالقرآن مثل السّفرة» أي : المزاول للقرآن مثل الملائكة السّفرة فكما أنّها تبين الشيء كذلك الماهر يبين القرآن ويوضحه. وتسمى سفرة الطعام لأنّها تكشف عن الطعام وألوانه.
ولم تذكر هيئة (سفر) في القرآن الكريم إلا في ضمن موارد جميعها مقرونة ب ـ (على) ، وفيه إشارة إلى اعتبار التلبس الفعلي بالسفر.
وتستعمل لفظة السفر في الجواهر. وأما الأعراض فتستعمل فيها لفظة «أسفر» قال تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) [المدثر ـ ٣٤] ، وقال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) [عبس ـ ٣٨]. ومسافر مفرد جمعه سفر ، كراكب وركب أو صاحب وصحب قال علي عليهالسلام : «إنّما مثلكم ومثل الدنيا كسفر».
والمراد من السّفر في المقام ما بينته السنة المقدسة حدودا وشروطا وإلا فليس