تَعْتَدُوها) [البقرة ـ ٢٢٩] ، ولهذا لم يستعمل مثل هذا التعبير إلا في موارد خاصة مثل قرب مال اليتيم ، والزنا والمقام.
والمعنى : إنّ ما ذكر من الأحكام المشتملة على الإيجاب والتحريم هي حدود الله تعالى فلا تضيّعوها ولا تعصوا الله تعالى بتركها ، فإنّ نقض الحد المحدود كنقض العهد المعهود مبغوض بالفطرة.
والآية تشير إلى أمر فطري وهو الاهتمام بالقانون مطلقا ـ خالقيا كان أو خلقيا ـ واحترامه وتعظيمه ما لم ينه عنه الشرع ، لأنّ في حفظ القانون حفظا لنظام النوع الإنساني ، وتكميل المجتمع ، وجلب السعادة للأفراد هذا في القوانين الوضعية الممضاة من قبل الشرع ، فكيف بالقوانين الإلهية التي تنفع الإنسان في الدنيا والآخرة كما تنفع الفرد والمجتمع سواء ، وسيأتي في الآية اللاحقة ما يتعلق بالمقام.
ويستفاد من الآيات الشريفة كمال المذمة لعدم العلم والعمل بحدود الله تعالى قال سبحانه وتعالى : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ) [التوبة ـ ٩٧].
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
أي : أنّ بهذا النحو من البيان في أحكام الصيام يبيّن الله آياته ودلائله للناس بما فيه الصلاح والسعادة ليتقوا الله عزوجل.
وقد ذكر تعالى [لعل] في المقام وغيره فيما يزيد على مائة موضعا وقد تقدم ما يرتبط بذلك. وفيه من الموعظة الحسنة بأحسن أسلوب وأرقه ، وبلسان الألفة والرحمة لتكميل الإنسان نفسه وإخراجها من الظلمات والجهالة والغرور إلى عالم النور ، ويكون مفاد مثل هذا الخطاب أنّه قد آن زمان تطهير النفوس عن كلّ رذيلة وخسيسة ، فسارعوا إلى التطهير والكمال.