الآيات الشريفة كقوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) [النساء ـ ٢٩].
وفي الآية إشارة إلى أصل من الأصول الاجتماعية التي يقوم عليها نظام المجتمع الإنساني وهو أصالة احترام مال الغير فإنّ قوله تعالى : (أَمْوالَكُمْ) يدل على أنّ احترام مال الغير لا بد وأن يكون مثل احترام مال الشخص نفسه ، والخيانة فيه جناية على النوع والاجتماع.
ولم يبيّن سبحانه وتعالى في هذه الآية وجوه الباطل وقد ذكر في مواضع أخرى بعضا منها قال تعالى : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) [النساء ـ ١٦١] ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [النساء ـ ١٠] ، كما بينت السنة الشريفة البعض الآخر وسيأتي في البحث الروائي ما يتعلق بذلك.
قوله تعالى : (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ).
الإدلاء : الإرسال والإلقاء من إدلاء الدلو في البئر لنزح الماء منها قال تعالى : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ) [يوسف ـ ١٩].
أي : لا ترسلوا أموالكم وتلقوها إلى الحكام رشوة لهم ليحكموا لكم كما تريدون.
وفي اختيار لفظ الإدلاء دلالة على أنّ المراد مجرد جلب النفع بأي سبب حصل ، وقد ذكر في هذه الجملة أحد وجوه الباطل وهو الرشوة ، فنهى سبحانه عن التسبب لأن يأكل الحكام أموالهم بالباطل وإن رضي الطرفان به.
قوله تعالى : (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ).
الفريق : القطعة من الشيء أي : لا ترسلوا أموالكم إلى الحكام رشوة لهم ليحكم الحاكم بحكم باطل فيأخذ الراشي قطعة من أموال الناس مقابل ما يأخذه الحاكم من الراشي الرشوة.