موضع المكتوب من السورة فيقول لهم : ضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة ، وضعوا هذه الآية في الموضع الذى يذكر فيه كذا وكذا ، وقبل وفاته صلىاللهعليهوسلم عرض القرآن كاملا على جبريل مرتين. فلما أمر عثمان بكتابته ، واستقر ذلك في العرضة الأخيرة ، كان هناك عدد من المصاحف بحسب عدد من ساعدوا عثمان على إتمام هذا العمل ، وكان منهم زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل في أصح الأقوال أن عدد المصاحف كان ستة ، هى : المصحف البصرى ، والكوفي ، والشامى ، والمكّى ، والمدنى العام ، والمدنى الخاص ، والأخير هو الذى اختص عثمان به نفسه ، ويسمى المصحف الإمام ، واشتمل مصحفه على ما يحتمله رسم الألفاظ من الأحرف السبعة ، خالية من النقط والشكل ، فكان الرسم لذلك محتملا للأحرف السبعة. ولما سمع أبو الأسود الدؤلى رجلا يقرأ قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (التوبة ٣) ، فجرّ اللام في رسوله ، قال أبو الأسود : معاذ الله أن يتبرأ الله من رسوله! فبدأ أبو الأسود في إعراب القرآن ، بوضع نقط يخالف مدادها مداد المصحف ، وجعل للفتحة نقطة فوق الحرف ، وللضمة نقطة إلى جانب الحرف ، وللكسرة نقطة أسفل الحرف ، وجعل للمنوّن نقطتين متجاورتين ؛ ثم أدخلت التحسينات على هذا التنقيط الإعرابى ، وأجريت عليه التعديلات حتى صار إلى ما صار إليه الآن ؛ ثم وضع نصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر ، نقط الإعجام كطلب الحجّاج ، بناء على أوامر الخليفة عبد الملك بن مروان ، لضمان سلامة القرآن من التحريف والتغيير ؛ ثم غيّر الخليل بن أحمد طريقة النقط وطوّر فيها ، فجعل الضمة واوا صغيرة فوق الحرف ، والفتحة ألفا صغيرة مبطوحة فوق الحرف ، والكسرة ياء صغيرة تحت الحرف ، وجعل الشدّة علامة رأس الشين ، والسكون علامة رأس الخاء ، وعلامة للمد ، وعلامة للرّوم والإشمام ، واستمرت التحسينات على ذلك إلى أن صار الحال على ما نراه الآن. فأين هذا الاضطراب ، أو التردّى ، أو اختلاف الروايات الذى ينسب إلى كتابة القرآن؟ وأين الحق فيما زعموا أن أبا بكر وعمر وعثمان والصحابة حرّفوا القرآن ، وحذفوا منه كلمات وسورا؟ والحق ما قاله واحد منهم ـ وهو سير وليام موير ، قال : والأرجح أن العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل اثنى عشر قرنا بنصّ هذا مبلغ صفاته ودقّته.
* * *
٩. الاختلافات في القراءة
في الحديث عن ابن عباس صلىاللهعليهوسلم : «لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم» ، فقد يختصم المسلمان ويستشهد كل منهما بآيات ، فيبدو كما لو أن