والآية توقيفية ، وقد اعتبرت (المص) ، و (المر) ، و (يس) آيات ، ولم تعدّ (طس) آية ، وعدّت (حم عسق) من سورة الشورى آيتين ، ولم يعدوا نظيرها (كهيعص) من سورة مريم آيتين بل آية واحدة ، وعدّوا كلمة (الرَّحْمنِ) فى سورة الرحمن ، آية ، وكلمة (مُدْهامَّتانِ) آية ؛ واعتبرت الفاتحة سبع آيات ، وهى السبع المثانى ، بينما اعتبرت آية الكرسى آية واحدة ؛ وتسمّى السورة التى تزيد على الثلاثين آية : الثلاثين ، وسورة الملك ثلاثون آية ؛ وما وقف عليه النبىّ صلىاللهعليهوسلم هو فاصلة ؛ وبعض الآية قد يقال له كذلك آية.
* * *
١٧. ترتيب سور القرآن فى المصحف عن توقيف من النبىّ صلىاللهعليهوسلم
ما صحّ وثبت هو أن تأليف (أى ترتيب) سور القرآن على ما هى عليه فى المصحف كان عن توقيف من النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : ولكن أبىّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وعلىّ بن أبى طالب كان لهم ترتيب مختلف فيما اختطوا من مصاحف لهم؟ والجواب : أن ذلك كان قبل عرض النبىّ صلىاللهعليهوسلم للقرآن على جبريل العرض الأخير ، وقبل وفاته رتّب تأليف السور بعد أن لم يكن قد فعل ذلك. ولم يؤلف عثمان المصحف من نفسه ، وإنما كان تأليف القرآن على ما كان الصحابة قد سمعوه من النبىّ صلىاللهعليهوسلم. فلما أنزل القرآن جملة الى السماء الدنيا ، فرّق على النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى عشرين سنة ، وكانت السورة تتنزّل فى الأمر بحدث ، وتتنزل الآية جوابا لمستخبر يسأل ، فيوقف جبريل الرسول صلىاللهعليهوسلم على موضعهما من القرآن ، فكان اتساق السور كاتساق الآيات والحروف ، وجميع ذلك تم على يد النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، عن ربّ العالمين ، فمن أخّر سورة أو آية ، أو قدّمها ، أفسد نظم السور والآيات ، وغيّر فى المعانى ، كمن يزيد فى العبارات كلمات ، أو فى الكلمات حروفا. ولا تثريب من ثمّ أن تتقدم البقرة على الأنعام فى المصحف مع أنها فى التنزيل كانت متأخرة عنها. والعمدة فى ذلك أن الرسول صلىاللهعليهوسلم أخذ عنه هذا الترتيب ، وكان صلىاللهعليهوسلم يأمر حالما تتنزل السورة أو الآية ، أن يضعوها فى موضع كذا وكذا من القرآن ، وكان جبريل يوقفه على مكان كل سورة واسمها ، وكل آية. فمن يعمل على ترك الأثر ، ونظم السور على منازلها بمكة والمدينة ، يردّ محمّد صلىاللهعليهوسلم على ما حكاه عن ربّه تعالى. وكان منطقيا فى ترتيب السّور فى المصحف أن يكون الابتداء بالفاتحة ، ثم تأتى السور الطوال ، وهذه أغلبها مدنى وأقلّها مكى ، ثم تكون السور متوسطة الطول ، ويختم بالسور القصار ، وآخرها المعوذتان ، وكأنهما الحافظان للكتاب.
* * *