الباء والتاء والثاء ، ثم أحدثوا النقط عند منتهى الآيات ، ثم أحدثوا الفواتح والخواتيم. وكل ذلك من عمل الصحابة والتابعين ، قادهم إليه الاجتهاد.
* * *
٣٢. من قام بشكل المصحف ونقطه وتجزئته؟
روى أن الذى قام بتشكيل المصحف وتنقيطه وتجزئته كان عبد الملك بن مروان ، أمر به ونفّذه ، وتجرّد له الحجّاج بواسط ، وجدّ فى القرآن وزاد فى تحزيبه ، ونشر أول كتاب فى القراءات ، جمع فيه ما اختلف الناس فيما وافق الخط القرآنى ، إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه فى القراءات.
وكان أول من نقّط المصحف : أبو الأسود الدؤلى ، وكان قد سمع قارئا أعجميا يقرأ الآية : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (٣) (التوبة) ، فقرأها بجر اللام فى كلمة رسوله ، فأفزع هذا اللحن الشنيع أبا الأسود ، فجعل علامة الكسرة نقطة أسفل الحرف ، وعلامة الفتحة نقطة فوقه ، وميّز عبد الملك بن مروان ذوات الحروف من بعضها بواسطة الإعجام ، والنّقط ، واستبدل بالنقط علامات الفتحة والكسرة والضمة والسكون حتى لا تختلط نقط الحروف مع نقط الشكل ، واستحب المسلمون الإعجام والشكل صيانة من اللحن فى القرآن ، وجزّأ الناس المصاحف أجزاء ، وقسّموها ثلاثين قسما ، سمّوا الواحد الجزء ، وأطلقوا على الأجزاء ربعات ، فالجزء ربعة ، وقسّموا الجزء إلى حزبين ، ووضعوا كلمة خمس عند نهاية كل خمس آيات من السورة ، وكلمة عشر عند نهاية كل عشر آيات ، وهكذا ، وكتب بعضهم حرف الخاء بدلا من خمس ، ورأس العين بدلا من عشر ، وبعضهم جعل للآيات أرقاما توضع عند رءوسها.
وأما أول من أعجم القرآن ، ونجح فى ذلك ، فكان : نصر بن عاصم الليثى ، ويحيى بن يعمر العدوانى ، بتكليف من الحجّاج ، وهذان هما اللذان نقّطا جميع الحروف المتشابهة ، والتزما ألا تزيد النقط فوق أى حرف عن ثلاث.
ومن الذين سبقوا إلى ذلك ابن سيرين ، فكان له مصحف منقوط ، ونقّطه يحيى بن يعمر. وقيل إن أبا الأسود نقّط المصحف بصفة فردية ، ثم تبعه ابن سيرين. وكان عبد الملك بن مروان أول من نقّط المصحف بصفة رسمية عامة ، فذاع ذلك عنه وانتشر ، دفعا للبس والإشكال فى قراءة القرآن.
* * *
٣٣. فى فواتح السور
تفتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام ، فإما بالثناء ، كقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ)