لفظه معجزا ، وأنه مع كل قراءة تتحصّل بها تجلّيات لمعان. ولو جعل القسمان بحيث يروونهما باللفظ ، لشقّ على الأمة ، وتخفيفا عليها جعل قسم للرواية باللفظ ، وقسم للرواية بالمعنى.
وللوحى كيفيات ، الأولى : أن يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس ، وهذه الحالة أشد حالات الوحى عليه ، وقيل : إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد ؛ والثانية : أن ينفث في روعه الكلام نفثا ؛ والثالثة : أن يأتيه في صورة رجل فيكلمه ، وهذا أهونه ؛ والرابعة : أن يأتيه في النوم.
والقرآن منه المكى ، ومنه المدنى ، والأول : ما نزل عليه قبل الهجرة ولو كان في غير مكة ، والثانى : ما نزل بعد الهجرة ولو كان في غير المدينة.
وقيل ان علوم القرآن تتنظم : علم التفسير ، وعلم القراءات ، وعلم الرسم العثمانى ، وعلم إعجاز القرآن ، وعلم أسباب النزول ، وعلم الناسخ والمنسوخ ، وعلم إعراب القرآن ، وعلم غريب القرآن ، إلى غير ذلك. وقيل : علوم القرآن. ٧٧٤٥ علم ، على عدد كلمات القرآن ، مضروبة في أربعة ، لأن كل كلمة لها ظهر وبطن ، وحدّ ومطلع.
والقرآن كتاب هداية وإعجاز ، ولم ينزل ليدلل على نظرية ، ولا ليقرر قانونا علميا ، وان كان يدعو إلى تعلّم النظريات والقوانين والعلوم ، ويحثّ على استكناه الكون ، ومعرفة الأسباب فيه ، وصنائع الله وبدائعه ، ولذا كثر العلم فيه ، وكثر التنبيه إلى آيات الكون والإعجاز فيها ، والتدليل بالعقل والبرهان على صحة ما يقول ، واستخدام الحجاج والجدل والحوار ، فكان كلامه في ذلك إعجازا علميا وفلسفيا لا شك فيه. وعلوم القرآن موضوعها كل ذلك ، وتتعرف إلى ناحية من نواحيه ، وأول العلوم هو علم التفسير ، وهو أبو العلوم القرآنية ، ومن أوائل الكاتبين فيه : شعبة بن الحجاج ، وسفيان بن عيينة ، ووكيع بن الجرّاح في القرن الثانى الهجرى ، ثم ابن جرير الطبرى ، المتوفي سنة ٣١٠ ه ، وكتابه من أجلّ التفاسير وأعظمها. وفي أسباب النزول ، كان في مقدمة المؤلفين : على بن المدينى ؛ وأبو عبيد القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ ، وهذان من علماء القرن الثالث ؛ وفي غريب القرآن : أبو بكر السجستانى من علماء القرن الرابع ؛ وفي إعراب القرآن : علىّ بن سعيد الحوفي من علماء القرن الخامس ؛ وفي مبهمات القرآن : أبو القاسم عبد الرحمن ، المعروف بالسبيلى ، من علماء القرن السادس ، وفي مجاز القرآن : ابن عبد السلام ؛ وفي القراءات : علم الدين السخاوى من علماء القرن السابع. وفي القرن الثامن كان بدر الدين الزركشى ، ثم محمد بن سليمان الكافيجى في القرن التاسع ، والسيوطى في القرن العاشر ، وطاهر