فضلا عن أن تحلوها. كما نهى عن إبداء الزينة بقوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) [النور : ٣١]. مبالغة في النهي عن إبداء مواقعها. كذا لأبي السعود.
وقال الحافظ ابن كثير : يعني لا تتركوا الإهداء إلى البيت الحرام. فإن فيه تعظيم شعائر الله. ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام. وليعلم أنه هدي إلى الكعبة. فيجتنبها من يريدها بسوء. وتبعث من يراها على الإتيان بمثلها. فإن من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ولهذا لما حج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بات بذي الحليفة. وهو وادي العقيق. فلما أصبح طاف على نسائه ، وكن تسعا. ثم اغتسل وتطيّب وصلى ركعتين. ثم أشعر هديه وقلّده. وأهلّ للحج والعمرة ، وكان هديه إبلا كثيرة تنيف على الستين ، من أحسن الأشكال والألوان كما قال تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج : ٣٢].
قال بعض السلف : إعظامها استحسانها واستسمانها. قال عليّ بن أبي طالب (١) : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نستشرف العين والأذن. رواه أهل السنن. وقال مقاتل : ولا القلائد ، فلا تستحلوه. وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم. قلدوا أنفسهم بالشعر والوبر. وتقلد مشركو الحرم من لحاء شجره ، فيأمنون به. رواه ابن أبي حاتم.
وقال عطاء : كانوا يتقلدون من شجر الحرم فيأمنون. فنهى الله عن قطع شجره وكذا قال مطرف بن عبد الله. وأمانهم بذلك منسوخ. كما روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نسخ من هذه السورة آيتان : آية القلائد وقوله : (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) [المائدة : ٤٢] وبسنده إلى ابن عوف قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شيء؟ قال : لا. (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) أي : لا تحلوا قوما قاصدين زيارة المسجد الحرام بأن تصدوهم أو تقاتلوهم أو تؤذوهم ، لأنه من دخله
__________________
(١) أخرجه أبو داود في : الأضاحي ، ٦ ـ باب ما يكره من الضحايا ، حديث ٢٨٠٤ ونصه : عن عليّ رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نستشرف العين والأذنين ، ولا نضحّي بعوراء ، ولا مقابلة ، ولا مداراة ، ولا خرقاء ، ولا شرقاء.
والترمذيّ في : الأضاحيّ ، ٦ ـ باب ما يكره من الأضاحي.
والنسائي في : الضحايا ، ٩ ـ باب المدابرة وهي ما قطع من مؤخر أذنها.
وابن ماجة في : الأضاحي ، ٨ ـ باب ما يكره أن يضحى به ، حديث ٣١٤٢.