الثالث : هذه الآية دالة على تأكيد تحريم الخمر والميسر من وجوه :
(منها) : تصدير الجملة ب (إما) وذلك لأن هذه الكلمة للحصر ، فكأنه تعالى قال : لا رجس ولا شيء من عمل الشيطان إلا الخمر والميسر وما ذكر معهما.
و (منها) : أنه قرنهما بعبادة الأوثان.
و (منها) : أنه جعلهما رجسا كما قال تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠].
و (منها) : أنه جعلهما من عمل الشيطان ، والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحث.
و (منها) أنه أمر بالاجتناب ، وظاهر الأمر للوجوب.
و (منها) : أنه جعل الاجتناب من الفلاح. وإذا كان الاجتناب فلاحا ، كان الارتكاب خيبة ومحقة.
و (منها) : أنه ذكر ما ينتج منهما من الوبال ـ وهو وقوع التعادي والتباغض ـ وما يؤديان إليه من الصدّ عن ذكر الله وعن مراعاة أوقات الصلاة.
و (منها) : إعادة الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتبا على ما تقدم من أصناف الصوارف بقوله سبحانه (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فآذن بأن الأمر في الزجر والتحذير ، وكشف ما فيهما من المفاسد والشرور قد بلغ الغاية. وأنّ الأعذار قد انقطعت بالكلية ـ و (منها) : قوله تعالى بعد ذلك :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(٩٢)
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أي : في جميع ما أمرا به ونهيا عنه (وَاحْذَرُوا) أي : مخالفتهما في ذلك. فيدخل فيه مخالفة أمرهما ونهيهما في الخمر والميسر دخولا أوليّا.
و (منها) : قوله تعالى :
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي : إن أعرضتم عن الامتثال بما أمرتم به من الاجتناب عن الخمر والميسر ، فقد قامت عليكم الحجة