الله هذه الأشياء ، ولا هي عنده قربة. ولكن المشركون افتروا ذلك وجعلوه شرعا لهم وقربة يتقربون بها ، وليس ذلك بحاصل لهم ، بل هو وبال عليهم.
وفي البخاريّ (١) أن التبحير والتسييب وما بعدهما ، كله لأجل الطواغيت. يعني أصنامهم ، وفي الصحيحين (٢) عن أبي هريرة أن النبيه صلىاللهعليهوسلم قال رأيت عمرو بن عامر الخزاعيّ يجر قصبه في النار. وكان أول من سيّب السوائب وبحر البحيرة وغيّر دين إسماعيل. لفظ مسلم.
زاد ابن جرير : وحمى الحامي.
وروى الإمام أحمد (٣) عن عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار».
قال ابن كثير : عمرو هذا هو ابن لحيّ بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم. وكان أول من غيّر دين إبراهيم الخليل. فأدخل الأصنام إلى الحجاز ودعا الرعاء من الناس إلى عبادتها والتقرب بها. وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها. كما ذكره الله تعالى في (سورة الأنعام) عند قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) ... الآيات. انتهى.
__________________
(١) الذي وجدته في البخاري في : التفسير ، ٥ ـ سورة المائدة ، ١٣ ـ باب ما (جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) ، هذا نصه (الحديث : ١٦٥٧) : عن سعيد بن المسيّب قال : البحيرة التي يمنع درّها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس. والسائبة كانوا يسيّبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء.
(٢) أخرجه البخاري في الباب السابق ونصه : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجرّ قصبه في النار. كان أول من سيّب السوائب».
والوصيلة الناقة البكر تبكّر في أول نتاج الإبل ، ثم تثنّي بعد بأنثى. وكانوا يسيبونها لطواغيتهم ، إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر.
والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود ، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شيء وسمّوه الحامي.
وهذا نصه في مسلم في : الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، حديث رقم ٥٠.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «رأيت عمرو بن لحييّ بن قمعة بن خندف ، أبا بني كعب هؤلاء ، يجرّ قصبه في النار».
(٣) أخرجه في المسند ١ / ٤٤٦ والحديث رقم ٤٢٥٨.