فيها ما تعدنا من نعيم الجنة (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه ونسرّ به ، نحن الذين يدركونها. ومن بعدنا الذين يسمعونها فيتقوّون في دينهم. و (العيد) العائد. مشتق من (العود) لعوده في كل عام بالفرح والسرور. وكل ما عاد عليك في وقت فهو عيد ، قال الأعشى :
فوا كبدي من لا عج الحب والهوى |
|
إذا اعتاد قلبي من أميمة عيدها |
كذا في (العناية).
وفي (القاموس) (العيد) بالكسر ، ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن ونحوه. وكل يوم فيه جمع (وَآيَةً مِنْكَ) أي : على كمال قدرتك وصدق وعدك وتصديقك إياي (وَارْزُقْنا) أي : أعطنا ما سألناك (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أي : خير من يرزق. لأنه خالق الرزق ومعطيه بلا عوض.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ)(١١٥)
(قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ) إجابة لدعوتكم (فَمَنْ يَكْفُرْ) أي : بي وبرسولي (بَعْدُ) أي بعد تنزيلها ، المفيد للعلم الضروريّ بي وبرسولي (مِنْكُمْ) أيها المنعّمون بها (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) أي من عالمي زمانهم. أو من العالمين جميعا.
روى (١) ابن جرير بسنده إلى قتادة قال : كان الحسن يقول : لما قيل لهم (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ) إلخ قالوا : لا حاجة لنا فيها ، فلم تنزل.
روى (٢) منصور بن زاذان عن الحسن أيضا. أنه قال ، في المائدة : أنها لم تنزل.
وروى (٣) ابن أبي حاتم وابن جرير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال : هو مثل ضربه الله ولم ينزل شيء. أي مثل ضربه الله لخلقه. نهيا لهم عن مسألة الآيات لأنبيائه.
__________________
(١) الأثر رقم ١٣٠٢٠ من التفسير.
(٢) الأثر رقم ١٣٠٢١ من التفسير.
(٣) الأثر رقم ١٣٠١٩ من التفسير.