تجلسوا على كل طريق فيه ممر الناس الغرباء ، تضربونهم وتخوفونهم ، وتأخذون ثيابهم ، وتتوعدونهم بالقتل ، إن لم يعطوكم أموالهم.
قال مجاهد : كانوا عشارين ـ أخرجه أبو الشيخ : وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّيّ مثله. وعن ابن عباس وغير واحد أي تتوعدون المؤمنين الآتين إلى شعيب ليتبعوه قال ابن كثير : والأول أظهر ، لأنه قال (بِكُلِّ صِراطٍ) وهو الطريق. وهذا الثاني هو قوله (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) أي : تصرفون عن دين الله وطاعته من آمن بشعيب ، وتطلبون لها عوجا بإلقاء الشبه ، ووصفها بما ينقّصها لتغييرها (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) بالعدد والعدد ، فاشكروا نعمة الله عليكم في ذلك (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) أي : من الأمم الخالية ، والقرون الماضية ، وما حلّ بهم من العذاب والنكال باجترائهم على معاصي الله وتكذيب رسله.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) (٨٧)
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا) يعني وإن اختلفتم في رسالتي فصرتم فرقتين مؤمنة وكافرة (فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) أي : بين الفريقين بنصر المحقين على المبطلين ، فهو وعد للمؤمنين ، ووعيد للكافرين.
قال الشهاب : وخطاب (اصبروا) للمؤمنين ، ويجوز أن يكون للفريقين ، أي ليصبر المؤمنون على أذى الكفار ، والكفار على ما يسوؤهم من إيمانهم. أو للكافرين. أي تربصوا لتروا حكم الله بيننا وبينكم (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) لأنه منزّه عن الجور في حكمه ، فسيجعل العاقبة للمتقين ، والدمار على الكافرين.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) (٨٨)
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي عن الإيمان (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ