وفي (المواقف وشرحها) : أن الأمة أجمعت على عصمة الأنبياء من الكفر قبل النبوة وبعدها ، غير أن الأزارقة من الخوارج جوّزوا عليهم الذنب ، وكل ذنب عندهم كفر ، فلزمهم تجويز الكفر. وجوّز الشيعة إظهار الكفر تقية عند خوف الهلاك ، واحترازا عن إلقاء النفس في التهلكة. ومثله في (شرح التجريد).
ولما تقرر إجماع الأمة على ما ذكر ، كان للعلماء في هذه الآية وجوه :
منها : أن العود المقابل للخروج ، هو العود إلى ترك دعوى الرسالة والإقرار بها.
والجار والمجرور حال. أي ليكن منكم الخروج من قريتنا ، أو العود إلى ترك دعوى الرسالة والإقرار بها ، داخلين في ملتنا. وهذا الوجه اقتصر عليه المهايمي ، وسايرناه فيه مع تفسير تتمة الآية.
ومنها : أن العود المذكور إلى ما خرج منه ، وهو القرية. والمجرور حال كالسابق. أي ليكن منكم الخروج من قريتنا ، أو العود إليها ، كائنين في ملتنا. وعدّي (عاد) ب (في) كأن الملة لهم بمنزلة الوعاء المحيط بهم.
ومنها : أن هذا القول جار على ظنهم أنه كان في ملتهم ، لسكوته قبل البعثة عن الإنكار عليهم ومنها : أنه صدر عن رؤسائهم تلبيسا على الناس ، وإيهاما لأنه كان على دينهم. وما صدر عن شعيب عليهالسلام كان على طريق المشاكلة.
ومنها : أن (لَتَعُودُنَ) بمعنى لتصيرن. إذ كثيرا ما يرد (عاد) بمعنى (صار) ، فيعمل عمل (كان). ولا يستدعي الرجوع إلى حالة سابقة ، بل عكس ذلك ، وهو الانتقال من حال سابقة ، إلى حال مؤتنفة مثل (صار). وكأنهم قالوا ـ والله أعلم ـ لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتصيرن كفارا مثلنا.
قال الرازي : تقول العرب. قد عاد إليّ من فلان مكروه ، يريدون : قد صار إليّ منه المكروه ابتداء. قال الشاعر :
فإن تكن الأيام أحسن مدة |
|
إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب |
أراد : فقد صارت لهن ذنوب ، ولم يرد أن ذنوبا كانت لهن قبل الإحسان ـ انتهى ـ.
ومنه حديث معاذ. قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : (أعدت فتّانا يا معاذ؟) أي صرت.
ومنه حديث خزيمة : عاد لها النّقاد مجرنثما. أي صار.