وقال الفراء : يقال سقط في يده وأسقط ، من الندامة ، و (سقط) أكثر وأجود.
وأنكر أبو عمرو (أسقط) بالألف ، وجوزه الأخفش.
قال الزمخشري : من شأن من اشتد ندمه وحسرته ، أن يعض يده غمّا ، فتصير يده مسقوطا فيها ، لأن فاه قد وقع فيها.
وقال الزجاج : معناه : سقط الندم في أيديهم ، أي في قلوبهم وأنفسهم. كما يقال : حصل في يده مكروه ، وإن كان محالا أن يكون في اليد ، تشبيها لما يحصل في القلب وفي النفس ، بما يحصل في اليد ، ويرى بالعين ـ انتهى ـ.
وقال الفارسي : أي : ضربوا أكفهم على أكفهم من الندم. فإن صح ذلك فهو إذن من السقوط.
وفي (العباب) : هذا نظم لم يسمع به قبل القرآن ، ولا عرفته العرب ، والأصل فيه نزول الشيء من أعلى إلى أسفل ، ووقوعه على الأرض ، ثم اتسع فيه فقيل للخطأ من الكلام (سقط) لأنهم شبهوه بما لا يحتاج إليه ، فيسقط ، وذكر اليد لأن الندم يحدث في القلب ، وأثره يظهر في اليد ، كقوله تعالى : (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها) [الكهف : ٤٢] ، ولأن اليد هي الجارحة العظمى ، فربما يسند إليها ما لم تباشره ، كقوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) [الحج : ١٠] ـ انتهى ـ.
وعليه ، فيكون (سقط) من السقاط ، وهو كثرة الخطأ كما قال :
كيف يرجون سقاطي بعد ما |
|
لفع الرأس بياض وصلع |
وقيل : من عادة النادم أن يطأطئ رأسه ، ويضعه على يده ، معتمدا عليه ، وتارة يضعها تحت ذقنه ، وشطر من وجهه على هيئة لو نزعت يده لسقط على وجهه ، فكانت اليد مسقوطا فيها ، لتمكن السقوط فيها. ويكون قوله : (سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) بمعنى سقط على أيديهم ، كقوله : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] ، أي عليها. و (سقط) عده بعضهم من الأفعال التي لا تتصرف ، ك (نعم وبئس). وقرئ (سقط) معلوما ، أي الندم ، أو العض ، أو الخسران ، وكله تمثيل. وقرئ (أسقط) رباعيّ مجهول ، وهي لغة نقلها الفراء والزجاج ، كما قدمنا.
ثم بين تعالى ما جرى من موسى عليهالسلام بعد رجوعه من الميقات. وكان أعلمه تعالى بفتنة قومه. فقال سبحانه :